منتدى أهل الحديث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ديني
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 صلاة الجنازة في المقبرة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الترفاس رشيد

الترفاس رشيد


عدد الرسائل : 427
تاريخ التسجيل : 02/10/2007

صلاة الجنازة في المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: صلاة الجنازة في المقبرة   صلاة الجنازة في المقبرة I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 22, 2008 10:54 am

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم، ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما.
أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد،
فمما لا شك فيه أن الأولى والأفضل أن يصلى على الجنائز في الأماكن المخصصة لذلك كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في ذلك أحاديث، منها:
ما رواه البخاري(1327) عن أبي هريرة قال: نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي صاحب الحبشة في اليوم الذي مات فيه، فقال: استغفروا لأخيكم.
وعن ابن شهاب قال: حدثني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صف بهم بالمصلى، فكبر عليه أربعا.
وفيه أيضا(1329) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجل منهم وامرأة زنيا، فأمر بهما فرجما قريبا من موضع الجنائز عند المسجد.
قال الحافظ في الفتح(3/199):
دل حديث ابن عمر المذكور على أنه كان للجنائز مكان معد للصلاة عليها. انتهى
كذلك ثبتت الصلاة على الجنائز في المسجد، فقد روى مسلم في صحيحه(973) عن عباد بن عبد الله بن الزبير أن عائشة أمرت أن يمر بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد فتصلي عليه، فأنكر الناس ذلك عليها، فقالت: ما أسرع ما نسي الناس، ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد.
وفي لفظ قالت: ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لا علم لهم به، عابوا علينا أن يمر بجنازة في المسجد، وما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في جوف المسجد.
وقد ذهب إلى جواز الصلاة على الجنائز في المسجد الشافعي وأحمد وإسحاق، قال ابن عبد البر: ورواه المدنيون في الموطأ عن مالك، وبه قال ابن حبيب المالكي. كذا في شرح النووي على مسلم بتصرف يسير(3/34).
ثم قال النووي: وقال ابن أبي ذئب وأبو حنيفة ومالك في المشهور عنه: لا تصح الصلاة عليه في المسجد بحديث في سنن أبي داود: من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له. ودليل الشافعي والجمهور حديث سهيل بن بيضاء، وأجابوا عن حديث سنن أبي داود بأجوبة: أحدها أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به. قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة، وهو ضعيف. انتهى
هذا الحديث أخرجه أبو داود(8/343- عون المعبود) حدثنا مسدد أخبرنا يحي عن ابن أبي ذئب حدثني صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه.
وفي النسخة التي عليها شرح الخطابي(1/271): فلا شيء له.
وبهذا اللفظ رواه ابن ماجه(1/486) كما في نسخة محمد فؤاد عبد الباقي.
وقد اختلف في صحة هذا الحديث، والحق أن الحديث حسن، قال ابن القيم في زاد المعاد(1/360-361):
وهذا الحديث حسن، فإنه من رواية ابن أبي ذئب عنه، وسماعه منه قديم قبل اختلاطه، فلا يكون اختلاطه موجبا لرد ما حدث به قبل الاختلاط. انتهى
لكن العلماء اختلفوا في تأويله، قال الخطابي في عالم السنن(1/272):
قد يحتمل أن يكون معناه إن ثبت الحديث متأولا على نقصان الأجر، وذلك أن من صلى عليها في المسجد فإن الغالب أنه ينصرف إلى أهله ولا يشهد دفنه، وإن سعى إلى الجبان فصلى عليها بحصرة المقابر شهد دفنه فأحرز أجر القيراطين، وهو ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صلى على جنازة فله قيراط، ومن شهد دفنها فله قيراطان، والقيراط مثل أحد، وقد يؤجر أيضا على كثرة خطاه، فصار الذي يصلي عليها في المسجد منقوص الأجر بالإضافة إلى أن من صلى عليها برا، والله أعلم.
وقال ابن القيم في زاد المعاد(1/361):
وتأولت طائفة معنى قوله: فلا شيء له، أي فلا شيء عليه، ليتحد معنى اللفظين، ولا يتناقضان كما قال تعالى: وإن أسأتم فلها، أي فعليها. انتهى.
وهناك مسلك آخر، وهو ما ذكره الطحاوي رحمه الله حيث قال: صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء في المسجد منسوخة. وترك ذلك آخر الفعلين من رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل إنكار عامة الصحابة ذلك على عائشة، وما كانوا ليفعلوه إلا لما علموا خلاف ما نقلت.
قال ابن القيم رحمه الله في الزاد:
ورد ذلك على الطحاوي جماعة، منهم البيهقي وغيره، قال البيهقي: ولو كان عند أبي هريرة نسخ ما روته عائشة لذكره يوم صلي على أبي بكر في المسجد، ويوم صلي على عمر بن الخطاب في المسجد، ولذكره من أنكر على عائشة أمرها بإدخاله المسجد، ولذكره أبو هريرة حين روت فيه الخبر، وإنما أنكر من لم يكن له معرفة بالجواز، فلما روت الخبر سكتوا ولم ينكروه، ولا عارضوه بغيره. انتهى
ثم قال:
والصواب ما ذكرناه أولا، وأن سنته وهديه الصلاة على الجنازة خارج المسجد إلا لعذر، وكلا الأمرين جائز، والأفضل الصلاة عليها خارج المسجد، والله أعلم.
بقي هنا الأمر الآخر والأخير في هذا البحث وهو ما يتعلق بالصلاة على الجنازة في المقبرة، فأقول وبالله التوفيق:
اختلف العلماء في هذه المسألة:
فذهب بعضهم إلى المنع، وأداتهم كما يلي:
* حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمام.
أخرجه الترمذي(317) حدثنا ابن أبي عمر وأبو عمار الحسين بن حريث المروزي، قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحي عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قال الترمذي:حديث أبي سعيد قد روي عن عبد العزيز بن محمد روايتين: منهم من ذكره عن أبي سعيد ومنهم من لم يذكره.
وهذا حديث فيه اضطراب.
روى سفيان الثوري عن عمرو بن يحي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل.
ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحي عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه محمد بن إسحاق عن عمرو بن يحي عن أبيه قال: وكان عامة روايته عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر فيه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكأن رواية الثوري عن عمرو بن يحي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت وأصح: مرسلا.
وقال ابن حجر في التلخيص(1/659):
وقال البزار: رواه عبد الواحد بن زياد وعبد الله بن عبد الرحمن ومحمد بن إسحاق عن عمرو بن يحي موصولا.
وقال الدارقطني في العلل: المرسل المحفوظ، وقال فيها: حدثنا جعفر بن محمد المؤذن، ثقة، ثنا السري بن يحي ثنا أبو نعيم وقبيصة، ثنا سفيان عن عمرو بن يحي عن أبيه عن أبي سعيد به موصولا، وقال: المرسل المحفوظ.
وقال الشافعي: وجدته عندي عن ابن عيينة موصولا ومرسلا، ورجح البيهقي المرسل أيضا، وقال النووي في الخلاصة: هو ضعيف. وقال صاحب الإمام: حاصل ما علل به الإرسال، وإذا كان الواصل له ثقة فهو مقبول، ....
قلت: أي ابن حجر: وله شواهد، منها حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا: نهى عن الصلاة في المقبرة، أخرجه ابن حبان، ومنها حديث علي: إن حبي نهاني عن أن أصلي في المقبرة. أخرجه أبو داود. انتهى
وعليه فإنه إذا كانت رواية الإرسال راجحة فإن لها هذين الشاهدين اللذين ذكرهما الحافظ، فيكون الحديث حسنا إن شاء الله، والله أعلم.
ووجه الاستدلال من الحديث أن النهي في هذا الحديث جاء مطلقا من غير تقييد، فيدخل فيه صلاة الجنازة أيضا.
* حديث أبي مرثد الغنوي في صحيح مسلم(972) لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها.
* حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا.
أخرجه البخاري(1/528- فتح) ومسلم(2/208) وغيرهما.
* حديث نهى عن الصلاة بين القبور.
أخرجه الترمذي في العلل(علل القاضي ص:77) وابن حبان(2313) (2316) وأبو يعلى(5/175) والضياء في المختارة (5/246) من طريق حفص ابن غياث عن الأشعث عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بين القبور.
وقد رواه عن حفص: سهل بن عثمان العسكري، وأبو موسى الزمن وهناد بن السري.
وخالفهم الحسين بن يزيد في سنده ومتنه.
أما من حيث السند، فقد رواه عن حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين عن أنس.
أما المخالفة من حيث المتن، فد رواه بلفظ: نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور، فزاد كلمة الجنائز.
هكذا أخرجه الطبراني في الأوسط(6/293/5627) ومن طريقه الضياء في المختارة(7/163-164)، وقال الطبراني:
لم يرو هذا الحديث عن عاصم الأحول إلا حفص، تفرد به حسين بن يزيد.
قلت: وهو لين الحديث كما في التقريب(1/181).
وخالفهما أيضا جعفر بن محمد بن إسحاق بن يوسف الأزرق، فرواه عن حفص بن غياث عن الأشعث وعمران بن حدير عن الحسن عن أنس.
كذا أخرجه الضياء في المختارة(5/245) وقال: رجاله ثقات، وإرساله أصح.
يشير إلى ما أخرجه الترمذي في العلل(علل القاضي /118) من طريق يحي بن سعيد، وابن أبي شيبة(7/311) عن حفص، كلاهما عن أشعث عن الحسن.
ونقل الضياء في المختارة عن الدارقطني أنه قال: رواه معاذ بن معاذ عن أشعث عن الحسن مرسلا، والمرسل أصح.
فتحصل أن كلا من حفص بن غياث ويحي بن سعيد ومعاذ بن معاذ رووه مرسلا، وهو أصح كما قال الدارقطني وأقره الضياء.
وعليه فإن الحديث واحد، وليس حديثان يمكن أن يشهد أحدهما للآخر، فإن هذا مستحيل.
وبه يتبن أن لفظة الجنائز في الرواية الأولى المتقدمة منكرة، فإنها لم ترد في شيء من الروايات، فقد روى هذا الحديث عن حفص كما تقدم: سهل بن عثمان العسكري وأبو موسى الزمن وهناد بن السري، وقد خالفها حسين بن يزيد، وهو لا يحتمل ذلك، فإن أبا موسى الزمن وهو محمد بن المثنى ثقة ثبت كما في التقريب(2/204)، أما سهل بن عثمان العسكري، فقال عنه الحافظ(1/337): أحد الحفاظ له غرائب، أما هناد فثقة أيضا كما في التقريب(2/322).
وقد ورد الحديث موقوفا على أنس بسند أصح، وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(2/154) حدثنا سفيان عن عاصم عن ابن سيرين عن أنس أنه كره أن يصلى على الجنائز بين القبور.
وقد ذهب من الصحابة إلى القول بالمنع أنس بن مالك رضي الله عنه كما رواه ابن أبي شيبة في المصنف(36382) حدثنا حفص وأبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين عن أنس أنه كره أن يصلى على الجنازة في المقبرة. وسنده صحيح.
وهو أيضا قول أحمد في رواية كما في المغني(3/254) قال: وروي ذلك عن علي وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن عباس، وبه قال عطاء والنخعي والشافعي وإسحاق وابن المنذر.

أدلة القائلين بالجواز:
* ما أخرجه مسلم(954) واللفظ له عن الشيباني عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعدما دفن، فكبر عليه أربعا. قال الشيباني: فقلت للشعبي: من حدثك بهذا؟ قال: الثقة ابن عباس.
وأخرجه البخاري أيضا(1336) حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة قال: حدثني سليمان الشيباني قال: سمعت الشعبي قال: أخبرني من مر مع النبي صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فأمهم وصلوا خلفه، قلت: من حدثك هذا يا أبا عمرو؟ قال: ابن عباس رضي الله عنهما.
* ما أخرجه البخاري(3/204-فتح) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن أسود- رجلا أو امرأة- كان يقم المسجد، فمات ولم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بموته، فذكره ذات يوم، فقال: ما فعل ذلك الإنسان؟ قالوا: مات يا رسول الله. قال: أفلا آذنتموني؟ فقالوا: إنه كان كذا وكذا- قصته- قال: فحقروا شأنه. قال: فدلوني على قبره، فأتى قبره فصلى عليه.
* ما أخرجه ابن المنذر : أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا ابن وهب عن ابن جريج قال: قلت لنافع: أتكره أن تصلي بين القبور؟ قال: لقد صلينا على عائشة وأم سلمة وسط القبور بالبقيع، والإمام يوم صلينا على عائشة أبو هريرة، وحضر ذلك ابن عمر.
* ما أخرجه عبد الرزاق(3/525) عن ابن جريج قال: أخبرني نافع قال: صلينا على عائشة وأم سلمة وسط البقيع بين القبور. قال: والإمام يوم صلينا على عائشة أبو هريرة، وحضر ذلك ابن عمر.
وقد ذهب إلى القول بالجواز الإمام أحمد في الرواية الأخرى عنه كما في المغني لابن قدامة(3/254) وقال: قال ابن المنذر: ذكر نافع أنه صلى على عائشة وأم سلمة وسط قبور البقيع، وصلى على عائشة أبو هريرة، وحضر ذلك ابن عمر، وفعل ذلك عمر بن عبد العزيز.
وقال الإمام مجد الدين أبو البركات في المحرر في الفقه(1/193) :
باب الصلاة على الميت، وهي فرض كفاية، ولا تكره في المسجد ولا في المقبرة.
قال ابن حزم رحمه الله في المحلى(4/33):
وكل هذه الآثار حق، فلا تحل الصلاة حيث ذكرنا إلا صلاة الجنازة فإنها تصلى في المقبرة وعلى القبر الذي قد دفن صاحبه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحرم ما نهى عنه، ونعد من القرب إلى الله تعالى أن نفعل مثل ما فعل، فأمره ونهيه حق، وفعله حق، وما عدا ذلك فباطل، والحمد لله رب العالمين.
وقال صديق حسن خان في الروضة الندية(1/256):
أقول: الأدلة ثابتة في الصلاة على القبر ثابتة لا يقابله أهل العلم بغير القبول، أما فيمن لم يصل عليه فالأمر أوضح من أن يخفى، ولا تزال الصلاة مشروعة عليه ما علم الناس أنه لم يصل عليه أحد، وأما فيمن قد صلي عليه فلمثل حديث السوداء المتقدم، ومعلوم أن الميت لا يدفن في عصره صلى الله عليه وسلم بدون صلاة عليه، وأما المانعون من الصلاة فأشف ما استدلوا به ما روي عنه صلى الله عليه وسلم في حديث السوداء المذكور، أنه قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وأن الله ينورها بصلاتي عليهم، قالوا: فهذا يدل على اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك، وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على من صلى معه على القبور، ولو كان خاصا به لأنكر عليهم، وأجيب عن هذا التعقب بأن الذي يقع بالتبعية لا يصلح للاستدلال به على الفعل أصالة، وأحسن ما يجاب به عن هذه الزيادة بأنها مدرجة في هذا الحديث كما بين ذلك جماعة من أصحاب حماد بن زيد، على أنه يمكن الجواب بأن كون الله ينور القبور بصلاة رسوله صلى الله عليه وسلم عليها لا ينفي مشروعية الصلاة من غير غيره تأسيا تأسى به، لا سيما بعد قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي.
قال ابن القيم في أعلام الموقعين(2/393): ردت هذه السنن المحكمة بالمتشابه من قوله صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها، وهذا حديث صحيح، والذي قاله هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي صلى على القبر، فهذا قوله وهذا فعله، ولا يناقض أحدهما الآخر، فإن الصلاة المنهي عنها إلى القبر غير الصلاة التي على القبر، فهذه صلاة الجنازة على الميت التي لا تختص بمكان، بل فعلها في غير المسجد أفضل من فعلها فيه، فالصلاة عليه على قبر من جنس الصلاة عليه على نعشه، فإنه المقصود بالصلاة في الموضعين، ولا فرق بين كونه على النعش وعلى الأرض، وبين كونه في بطنها، بخلاف سائر الصلوات، فإنها لم تشرع في القبور ولا إليها لأنها ذريعة إلى اتخاذها مساجد، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك، فأين ما لعن فاعله وحذر منه وأخبر أن أهله شرار الخلق، كما قال: إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد، إلى ما فعله صلى الله عليه وسلم مرارا متكررا، وبالله التوفيق. انتهى
وقد ذهب إلى الجواز جماعة من الأئمة المعاصرين منهم:
العلامة الفقيه ابن عثيمين رحمه الله، ففي فتاوى نور على الدرب سئل رحمه الله عن ذلك فأجاب:
حكم صلاة الجنازة في المقبرة الجواز أي أنه يجوز أن يصلى على الجنازة في المقبرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على القبر والصلاة على القبر صلاة في المقبرة أما الصلاة غير صلاة الجنازة فإنها لا تصح في المقبرة ولا تجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم (الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام).
محمد بن عبد الله الخضيري، حيث قال:
وأما صلاة الجنازة داخل المقبرة، فقد جاءت النصوص باستثنائها من ذلك، فتجوز في المقبرة لفعله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث حين صلى على المرأة التي كانت تقم المسجد، وهو في الصحيح. قال ابن رجب في فتح الباري: قلت: صلاة الجنازة مستثناة من النهي عند الإمام أحمد وغيره. انتهى
الشيخ الفوزان، فقد قال في الملخص الفقهي: حيث قال: ولا تصح الصلاة في المقبرة غير صلاة الجنازة.
وقال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام في توضيح الأحكام(2/19):
قال الشيخ تقي الدين: عموم كلامهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد، وهو الصواب، واستثني صلاة الجنازة بالمقبرة لفعله صلى الله عليه وسلم، فخص النهي بذلك، لأنها دعاء للميت لا تشمل ركوعا ولا سجودا، ولا خفضا ولا رفعا. انتهى
وهناك أقوال أخرى تركتها خشية الإطالة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه أبو أيمن رشيد ترفاس عشية يوم 16 أبريل 2008
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أيمن
عضو فعال ما شاء الله
عضو فعال ما شاء الله
أيمن


عدد الرسائل : 122
تاريخ التسجيل : 08/09/2007

صلاة الجنازة في المقبرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: صلاة الجنازة في المقبرة   صلاة الجنازة في المقبرة I_icon_minitimeالخميس أبريل 24, 2008 6:29 am

جزاك الله خيرا على البحث القيم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صلاة الجنازة في المقبرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حكم صلاة الجنازة في المقبرة
» إذا وقع يوم عيد في يوم جمعة، هل تجب صلاة الجمعة على من حضر صلاة العيد ؟
» صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
» حكم صلاة الفاتح
» المصابيح في صلاة التراويح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى أهل الحديث :: منتدى الفقه وأصوله-
انتقل الى: