يُبينُ أحاديثَ الرواةِ وهو في السَّوْق ( )!
قَالَ أبو جعفر التُّستريّ:((حَضرنا أبا زُرْعة - يعني الرازيّ - بماشهران، وكان في السَّوْق، وعنده أبو حَاتِم، ومحمد بن مسلم، والمنذر بن شاذان، وجماعةٌ من العلماء فذكروا حَدِيثَ التلقين وقوله :"لقنوا موتاكم لا إله إلا الله"، قَالَ: فاستحيوا من أبي زُرْعة، وهابوه أنْ يلقنوهُ فقالوا: تعالوا نذكرْ الحديثَ.
فَقَالَ محمدُ بنُ مسلم: حَدّثنَا الضحاكُ بنُ مخلد عَنْ عبدِ الحميدِ بنِ جَعْفر عَنْ صالح وجَعَلَ يقولُ: ولم يجاوزْ.
وَقَالَ أبو حَاتِم: حَدّثنَا بُنْدارُ قَالَ: حَدّثنَا أبو عَاصم عَنْ عبدِ الحميدِ بنِ جَعْفر عَنْ صالح ولم يجاوزْ.
والباقون سَكَتوا.
فَقَالَ أبو زُرْعةَ - وهو في السَّوْق -: حَدّثنَا بُنْدار قَالَ:حَدّثنَا أبوعَاصم قَالَ:حَدّثنَا عبدُ الحميد بنُ جَعفر، عَنْ صالح بنِ أبي عَرِيب، عَنْ كَثير بنِ مُرّة الحضرميّ، عَنْ مُعَاذ بنِ جَبَل قَالَ: قَالَ رسول الله :"مَنْ كَانَ آخرُ كَلامهِ لا إله إلا الله دَخَلَ الجنة"، وتوفي رحمه الله))( ).
زاد أبو حَاتِم:((فَصَارَ البيتُ ضجةً ببكاءِ مَنْ حَضَرَ)).
وَقَالَ أحمدُ بنُ إسماعيل ابن عمّ أبى زُرْعةَ:((سمعتُ أبا زُرْعةَ يقولُ - في مرضهِ الذي ماتَ فيه -:اللهم إنّي أشتاقُ إلى رؤيتك، فإنْ قَالَ لي: بأيّ عملٍ اشتقت إلىّ؟ قلتُ: برحمتكَ يا ربّ)).
وقدْ بوبَ ابنُ أبي حَاتم على هذه القصةِ بقولهِ:((بابُ ما ظَهَرَ لأبي زُرْعة مِنْ سيّدِ عملهِ عِنْد وفاتهِ))( ).
وَقَالَ ابنُ أبي حَاتم أيضاً:((بابُ ما ظَهَرَ لأبي مِنْ سيدِ عَملهِ عِنْد وفاتهِ.
حَضرتُ أبى - رَحِمَهُ اللهُ - وَكَانَ في النزعِ وَأنا لا أعلمُ فسألتُه عَنْ عُقبةَ بنِ عبدِالغافر يروى عَنْ النبي : له صحبةٌ؟ فَقَالَ - برأسهِ -: لا -بلسانٍ مسكين-، فلمْ أقنعْ مِنْهُ، فقلتُ: فَهمتَ عنى: لهُ صحبةٌ؟ قَالَ: هُوَ تابعيّ.
قلتُ: فَكَانَ سيّدُ عملهِ معرفةَ الحَدِيثِ، وناقلةَ الآثارِ، فَكَانَ في عُمُرهِ يقتبسُ مِنْهُ ذلكَ، فَأرادَ اللهُ أنْ يظهرَ عِنْدَ وفاتهِ مَا كَانَ عليه في حياتهِ