الرشوة وأضرارها
مقدمة الملف
الرشوة من الأمراض الاجتماعية الخطيرة التي لا يأمن معها أفراد المجتمع على مصالحهم ولا يأخذ كل ذي حق حقه، فهي داء عضال حذر منه الإسلام وحرمه، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من له دور في الرشوة فالراشي ملعون والمرتشي ملعون والوسيط بينهما وهو الرائش ملعون فكل هؤلاء الثلاثة الذين تقوم عليهم الرشوة ملعونون بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم: (لعن الله الراشي والمرتشي) وقد قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ـرحمه اللهـ: (واللعن من الله هو: الطرد والإبعاد عن مظان رحمته، نعوذ بالله من ذلك، وهو لا يكون إلا في كبيرة).
آيات وأحاديث
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بًالْبَاطًلً وَتُدْلُوا بًهَا إًلَى الْحُكَّامً لًتَأْكُلُوا فَرًيقاً مًنْ أَمْوَالً النَّاسً بًالإًثْمً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). [البقرة /188]
(وَتَرَى كَثًيرًا مًنْهُمْ يُسَارًعُونَ فًي الْإًثْمً وَالْعُدْوَانً وَأَكْلًهًمُ السُّحْتَ لَبًئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [المائدة/62]
(لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانًيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلًهًمُ الْإًثْمَ وَأَكْلًهًمُ السُّحْتَ لَبًئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)[المائدة/63]
(سَمَّاعُونَ لًلْكَذًبً أَكَّالُونَ لًلسُّحْتً) [المائدة من الآية/42]
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي) [رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني].
الرشوة لغة
قال ابن الأثير: الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة، وأصله من الرشاء الذي يتوصل به إلى الماء» فالراشي الذي يعطي من يعينه على الباطل، والمرتشي الآخذ، والرائش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا.
الرشوة في الاصطلاح:
لقد اختلف في تعريف الرشوة اصطلاحا فقيل:
1-ـ (هي ما يؤخذ بغير عوض ويعاب أخذه).
2-ـ وقيل : (هي كل مال دفع ليبتاع به من ذي جاه عونا على ما لا يحل).
3ـ وقيل : (هي كل ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل).
من أسباب انتشار الرشوة
1ـ ضعف الوازع الديني لدى الأشخاص المتعاملين بهذا السلوك.
2ـ انتشار بعض المفاهيم المغلوطة التي تبرر مثل هذه الممارسات المحرمة.
3ـ الرضوخ لضغط فتنة المال.
4ـ بعض الناس لا يهتم إلا بما يحقق له مصلحته الشخصية بعض النظر عن الحكم الشرعي أو عن الضرر للغير.
5ـ قد يكون انخفاض المستوى المعيشي وتردي الأحوال الاقتصادية للبعض دافعاً لقبول الرشوة والتعامل بها.
بعض المخاطر المترتب على الرشوة
1ـ أن المتعامل بها ملعون على لسان رسول الله صلى عليه وسلم.
2ـ بها تضيع الأمانة التي حملها الإنسان.
3ـ بها تغيير لحكم الله جل وعلا.
4ـ تضيع حقوق العباد.
5ـ فساد المجتمع.
6ـ ظلم للنفس حيث يظلم الراشي نفسه ببذل المال لينال الباطل ويظلم المرتشي نفسه بالمحاباة بأحكام الله.
7ـ محق لبركة المال.
8ـ أن بسببها يتولى أمور الناس من ليس أهلاً لذلك.
9ـ أنها تسبب الظلم والعدوان.
ومن أضرارها
وعن أضرار الرشوة على المجتمع المسلم الاجتماعية التي تهدد المجتمع، فلا يأمن أفراده على مصلحتهم، وإنما يكونون في قلق وضيق، ومن بعض الأضرار المترتبة عن انتشار الرشوة ومنها:
1ـ إنها سبب لقطع الحق من صاحبه وإيصاله إلى غيره الذي لا يستحقه.
2ـ الرشوة ترغم صاحب الحق أحياناً أن يدفع شيئا من ماله حتى يدرك حقه.
3ـ الرشوة تدعو إلى الاتكالية» إذ إن الذي يأخذها يميل إلى الاتكال وسرقة أموال الآخرين.
4ـ الرشوة سبب لنشر البغض والحقد والفوضى وهضم الحقوق.
الرشوة والظلم
ولا شك أن الرشوة من الظلم والبغي الذي حرمه الله، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (وَكَذَلًكَ أَخْذُ رَبًّكَ إًذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهًيَ ظَالًمَةي إًنَّ أَخْذَهُ أَلًيمي شَدًيدي).
ومن أقبح آثار الرشوة وغيرها من المعاصي في المجتمعات ظهور الرذائل وانتشارها، واختفاء الفضائل، وظلم بعض أفراد المجتمع فيما بينهم للبعض الآخر بسبب التعدي على الحقوق بالرشوة والسرقة والخيانة والغش في المعاملات وشهادة الزور ونحو ذلك من أنواع الظلم والعدوان، وكل هذه الأنواع من أقبح الجرائم.
المرتشي على خطر عظيم
أن المرتشي سارق.
أنه يخشى الكفر عليه» لمسارعته إليها تشبيها للمنافقين واليهود في مسارعتهم إلى الكفر.
أن فعله من عمل المنافقين واليهود، ففيه مشاركة لهم في الوصف.
منهج المرتشي هو الكذب والسماع للكذابين.
أنه مفتون فيما يأخذه وما ينفذه من أعمال غير مشروعة.
قلبه غير طاهر دنسته الرشوة وأكل السحت.
أنه في ذلة في حياته، وأشد ما يكون مذلة أمام راشيه.
وفي الختام
إن الرشوة تجعل الحق باطلاً والباطل حقاً وهي مرض خطير، فالإسلام حرمها بأي اسم كانت وبأي صورة سواء سميت هدية أو مكافأة أو غير ذلك فالاسم لا يغير الحقيقة، فما خالطت الرشوة عملا إلا أفسدته ولا نظاما إلا قلبته ولا قلبا إلا أظلمته وما فشت في أمة إلا وكان الغش محل النصح والخيانة محل الأمانة والخوف محل الأمن والظلم محل العدل.
تاريخ النشر: الاربعاء 9/4/2008