قال الشاطبي - رحمه الله تعالى - :
ولأجل ما أودع فيه من الأسرار التكليفية المتعلقة بهذه الشريعة الحنيفية سميته بـ " بعنوان التعريف بأسرار التكليف " ثم انتقلتُ عن هذه السيماء لسند غريب يقضي العجب منه الفطنُ الأريبُ ، وحاصله أني لقيتُ يومًا بعض الشيوخ الذين أحللتهم مني محل الإفادة وجعلت مجالسهم العلمية محطًا للرحل ومناخًا للوفادة ، وقد شرعت في ترتيب الكتاب وتصنيفه ، ونابذت الشواغل دون تهذيبه وتأليفه ؛ فقال لي : رأيتك البارحة في النوم ، وفي يدك كتاب ألفته فسألتك عنه فأخبرتني أنه كتاب ( الموافقات) قال: فكنتُ أسألك عن معنى هذه التسمية الظريفة فتخبرني أنك وفَّقْتَ به بين مذهبي ابن القاسم وأبي حنيفة فقلتُ له : لقد أصبتم الغرض بسهم من الرؤيا الصالحة مصيب وأخذتم من المبشرات النبوية بجزء صالح ونصيب؛ فإني شرعتُ في تأليف هذه المعاني عازمًا على تأسيس تلك المباني ، فإنها الأصول المعتبرة عند العلماء والقواعد المبني عليها عند القدماء ؛ فعجب الشيخ من غرابة هذا الإتفاق ،كما عجبتُ أنا من ركوب هذه المفازة ، وصحبة هذه الرفاق ؛ ليكون أيها الخل الصفي والصديق الوفي هذا الكتاب عونُا لك في سلوك الطريق وشارحا لمعاني الوفاق والتوفيق لا ليكون عمدتك في كل تحقق وتحقيق .اهـ
الموافقات (10-11) طـ مشهور