قوله تعالى : الله يستهزئ بهم، وقوله:سخر الله منهم،
الإمام الألباني
السؤال الأوَّل: ما القول في قوله -تعالى-: {الله يستهزئ بهم}، وقوله: {سخر الله منهم}، وأمثالها من الآيات المتشابهة؟!
الجواب: السلف كانوا يقولون في مثل هذه الآية وأشباهها: أمرُّوها كما جاءت.
وهم لا يعنون أمرُّوها لدون فهم! وإنَّما أمرُّوها كما جاءت، بفهم صحيح، بدون تشبيه أو تكييف أو تأويل أو تعطيل.
قال تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} ففي هذه الآية تنزيهٌ، وفيها -أيضاً- إثبات لصفتي السمع والبصر.
فمعنى التنزيه أنَّنا نثبت الصفة التي وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله × كما يليق بعظمته سبحانه وتعالى، ولا نكيف ذلك فنقول: سمعه كسمعنا، وبصره كبصرنا، كما أنَّنا لا نتأول ذلك كما فعل بعض غلاة المعتزلة حيث أوَّلوا السمع والبصر بالعلم، مع أن الله قد وصف نفسه في غير ما آية في القرآن الكريم بالعلم، فتأويل أولئك للسمع والبصر بالعلم تعطيلٌ، قال عنه العلماء: المعطل يعبد عدماً، والمجسم يعبد صنماً.
وعلى هذا نقول في الآيتين السابقتين -الواردتين في السؤال- من استهزاء الله عزَّ وجل وسخريته: أنَّه استهزاء وسخرية يليق بالله عزَّ وجل، ليس كما تتوهَّمه الأفهام القاصرة ممّا فيه تشبيه بالمخلوقين.
السؤال الثاني: هل آيات الصفات من المتشابهات أم من المحكمات؟
الجواب: هي من جهة من المتشابهات، وذلك فيما يتعلق بالكيفيَّة المتعلِّقة بالله سبحانه، وليست -من جهة أخرى- من المتشابهات؛ من حيثُ أنَّ لها معنى ظاهراً، أي أن لها معاني معروفة باللغة العربيَّة.
فهي إذن باعتبار الكيفيّة متشابهة، لأنَّه لا يمكن أن نعرف كيفية ذات الله، فبالتالي لا يُمكن أن نعرف كيفية صفاته عزَّ وجل، إذ الكلام في الصفات فرع عن الكلام الذات.
ولهذا قال بعض أئمة الحديث -وهو أبو بكر الخطيب-: يقال في الصفات ما يُقال في الذات سلباً وإيجاباُ.
وكما أننا نُثبت الذات ولا ننفيها -فإن هذا النفي هو الجحد المطلق-، كذلك نقول في الصفات؛ نثبتها ولا ننفيها، ولكنَّنا كما لا نكيف الذات لا نكيف الصفات.