سماحة المفتي عبد العزيز آل الشيخ:
إن هذا الظلم والعدوان على غزة هو مؤشرٌ لخيرٍ ينتظره المسلمون
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء، أن في قصة موسى عليه السلام مع فرعون عبر عجيبة تبين للداعي إلى الله أن الشر مهما حصلت مكائده ومؤامراته وتسلطه فالمسلم يعمل للدعوة إلى الله وكله يقين وأمل أن الله ناصر دينه ومعلن كلمته ومهما بلغ الشر مبلغه فإن ذلك لا يوقف المسلم عن طريق الخير والدعوة إلى الله، وفيها أيضا قرة عين المؤمن أن الله ناصر دينه ومعلن كلمته، وأن في ذلك لتنبيه للمتمادين في ضلالهم وطغيانهم لينتبهوا قبل فوات الأوان، وأن من سار على طريق فرعون اللعين -الذي كفر بالله وقتل أولياءه- فطريقه طريق فرعون بتوفيق من الله. قال جل وعلا عن فرعون: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ).
وإذا ما نظرنا للأحداث الجارية في غزة مع إخواننا في الإسلام إخواننا في فلسطين، وما يجري عليهم من قتل وتشريد وظلم وعدوان وطغيان وتسلط ووحشية ما عرف التاريخ لها مثلا من شاهد، هذه الأحداث المؤلمة، وهذه الجراحات المؤلمة، وهذا العذاب العظيم، وهذه المعدات المتطورة تصب على أيدي عزل من السلاح لا قدرة ولا قوة معهم إلا قوة قلوبهم وثباتهم وصبرهم أمام هذه التحديات العظيمة وهذه الوحشية العظيمة، يعلم أن الظلم لا بد له من نهاية وأن الظلم مهما بلغ أهله ومهما نالوا فلا بد للظلم من نهاية؛ إن الله عاقب فرعون فأشتد ملكه ودولته وأغرقه في البحر وقضى عليه؛ فهو قادر جل وعلا على كل شيء.
إن هذا الظلم والعدوان الذي لا مبرر له إنما هو مؤشر لخير ينتظره المسلم، وعلى المسلم أن يحسن الظن بربه، ويعلم أن هذا لقضاء وقدر من الله: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)، إن النصر بيد الله، إن النصر بيد الله : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ).
إنها أمور تؤلم المسلم حقا إذا سمعها أو شاهدها يرى الباطل. وأضاف سماحته متسائلاً: أين حقوق الإنسان والمنظمات الدولية أين حقوق الإنسان وأين المنظمات الدولية أمام هذا الظلم والعدوان؛ مما يعطي شعورا أن أعداء الإسلام دائما على اجتماع واتفاق ضد هذا الدين وضد هذه العقيدة، فليثبت المسلمون على دينهم وليمدوا إخوانهم بدعاء الله لهم لتثبيت أقدامهم وإصلاح قلوبهم واجتماع كلمتهم وأن يمدوهم بما يستطيعون من المدد فإنهم في غاية الحاجة لكل مساعدة. إن هذا دليل على التحام الأمة وتعاونها مع إخواننا فالمؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر وصدق الله: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، هؤلاء اليهود الذي يتنكروا لرسالة نبيهم موسى عليه السلام، وأتوا بكل باطل، وهم أعداء الخلق عموما قال جل وعلا: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله والتوبة من الذنوب والمعاصي، وعلى إخواننا في فلسطين اجتماع الكلمة، وتآلف القلوب، والوقوف بحزم والتحام أمام هذه التحديات العظيمة فعسى الله أن يأتي بأمر من عنده وعسى الله أن يفرج الحال ويكشف الضر إنه على كل شيء قدير.
جاء ذلك في خطبة سماحة المفتي آل الشيخ بجامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض يوم الجمعة5/1/1430هـ والتي تحدث فيها سماحته عن الهجرة النبوية أسبابها وآثارها، وعن عاشوراء، وقصة موسى مع فرعون والعبر والدروس المستفادة منها.