أنفلونزا الخنازير
حرم الله تعالى تناول لحم الخنزير صراحة في القرآن الكريم، من ذلك قوله تعالى ''قل لا أجد في ما أوحي إليّ محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم'' الأنعام: .145
قوله تعالى: ''حرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق'' المائدة: 3
وقد عبر الله تعالى بتحريم لحمه وهو أطيب ما فيه وهو المقصود من تربيته ليفيد تحريم شحمه وعصبه وعظمه من باب أولى، فإذا كان لحمه حراما وهو المقصود فشحمه من باب أولى. وقد حكى الإمام النووي وابن قدامة، إجماع المسلمين على تحريم تناول أي جزء من الخنزير، وقال ابن حزم: أجمعت أقوال العلماء على حرمته، فلا يحل أكل شيء منه وقد بيّن القرآن الكريم علة تحريمه في عبارة عميقة ودقيقة لما قال ـ فإنه رجس ـ أي نجس، فمن أكله فقد أكل النجاسة بكل ما توحي هذه العبارة من معنى. والمسلم مطالب باجتناب النجاسة.
والنجاسة معناها الاستقذار والقاذورات التي يحويها لحمه والتي لا تطهرها حتى الذكاة الشرعية. ولا يخف على أحد الآن بعد هذه التطورات العلمية العملاقة اشتمال لحم الخنزير على كثير من الأضرار التي يمكن أن تصل إلى حد إهلاك من تناوله. فقد أثبتت الأبحاث العلمية والطبية أن الخنزير من بين سائر الحيوانات يعدّ أكبر مستودع للجراثيم الضارة بجسم الإنسان. ومن الأمراض المعروفة طبيا والتي تنشأ عن أكل لحمه الأمراض الطفيلية، ومنها الدودة اللولبية التي هي من أخطر الديدان بالنسبة للإنسان، والتي لا يخلو منها لحم الخنزير، وتنتقل هذه الدودة من لحم الخنزير إلى عضلات آكله وتسبب له آلاما شديدة ومنها ـ الدودة الشريطية ـ التي يصل طولها إلى 3 أمتار، وما تسببه من اضطرابات هضمية وفقر للدم كما تسبب حويصلاتها أضرارا شديدة على مخ آكل لحم الخنزير وكبده ورئتيه ونخاعه الشوكي وهناك أيضا ـ ديدان الإسكارس ـ التي تؤثر على رئة آكله وديدان الإنكلستوما والبلهارسيا والدوسنتاريا''. وقد بلغ عدد أنواع الديدان الضارة والقاتلة في لحم الخنزير ما يقارب ثلاثين نوعا. ومن الأمراض التي يسببها أكل لحم الخنزير الأمراض البكتيرية، كالسل الرئوي والكوليرا التيفودية والباراتيفوئيد، والحمى المالطية ومنها الأمراض الفيروسية كالتهاب الدماغ والتهاب عضلة القلب والأنفلونزا، والتهاب الفم البقري والأمراض الجرثومية مثل جرثوم ـ التوكسوبلازما جواندي ـ الذي يسبب الإصابة بالحمى والإنهاك البدني وتضخم الكبد والطحال. وهناك الأمراض الناشئة عن التركيب البيولوجي للحم الخنزير وشحمه، وذلك كزيادة نسبة حمض البويك بالدم، لأن الخنزير لا يخرج من هذا الحمض إلا نسبة 2% والباقي يصبح جزءا من لحم الخنزير. ولهذا، فإن الذين يأكلون لحمه يشكون من آلام المفاصل. يضاف إلى هذا احتواء لحمه على دهون مشبعة بخلاف دهون سائر الحيوانات، ولذا يجد أكلة لحم الخنزير ترسيب كمية من الدهن في أجسامهم وتزيد مادة الكولسترول في دمهم، مما يجعلهم أكثر عرضة لتصلب الشرايين وأمراض القلب والذبحة الصدرية المفضية إلى الموت المفاجئ، هذا بالإضافة إلى إصابة آكلي لحم الخنزير بعسر الهضم بسبب بقاء هذا اللحم في المعدة قرابة أربع ساعات حتى يتم هضمه خلافا لبقية لحوم الحيوانات الأخرى، وما يسببه تناول لحمه من الإصابة بالسمنة وامتلاء جسم متناوله بالبثرات والحبوب والأكياس الدهنية، وتسببه في ضعف الذاكرة.
هذه بعض أضرار لحم الخنزير التي ذكرها العلامة ـ زغلول النجار ـ والتي تبين حكمة الخالق في تحريم لحم الخنزير والبشرية اليوم في موعد مع حقائق الإسلام وتدفع ضريبة الخروج على منهج الله. حرّم الله الزنا، فخالف من خالف أمر الله، فكان السيدا. وحرم الله لحم الخنزير فخالف من خالف فكانت ـ أنفلونزا الخنازير ـ وكلما خالف الإنسان شريعة الله لا بد أن يدفع الضريبة والحمد لله على نعمة الإسلام.