الوضوء من البول والغائط
قال البخاري(135):
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ. قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة ؟ قال: فساء أو ضراط.
وقال الترمذي(96):
حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط ونوم وبول.
أخرجه النسائي(1/105) وابن ماجه(478) وابن حبان(179 موارد) والطبراني في المعجم الصغير(1/96/190) والشافعي في المسند(60/75) وابن خزيمة(1/97/193).
قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
الوضوء من خروج الريح
قال الترمذي(74):
حدثنا قتيبة وهناد قالا: حدثنا وكيع عن شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح.
أخرجه أحمد(9620) وابن ماجه(515).
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وقال ابن حزم في المحلى:
160مسألة: والريح الخارجة من الدبر خاصة لا من غيره بصوت خرجت أم لا، وهذا أيضا إجماع متيقن ولا خلاف في أن الوضوء من الفسو والضراط، وهذان الاسمان لا يقعان على الريح البتة إلا إن خرجت من الدبر وإلا فإنما يسمى جشاء أو عطاسا فقط وبالله تعالى التوفيق.
وقال الإمام مسلم(362):
وحدثني زهير بن حرب حدثنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم(2/40):
قوله (صلى الله عليه وسلم حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا): معناه يعلم بوجود أحدهما ولا يشترط السماع والشم بإجماع المسلمين. وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك ولا يضر الشك الطاريء عليها، فمن ذلك مسألة الباب التي ورد فيها الحديث وهي: أن من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة. ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف، وحكى عن مالك رحمه الله تعالى روايتان: أحدهما أنه يلزمه الوضوء إن كان شكه خارج الصلاة ولا يلزمه إن كان في الصلاة. والثانية يلزمه بكل حال، وحكيت الرواية الأولى عن الحسن البصري وهو وجه شاذ محكي عن بعض أصحابنا وليس بشيء. قال أصحابنا: ولا فرق في الشك بين أن يستوي الاحتمالان في وقوع الحدث وعدمه أو أن يترجح أحدهما أو يغلب على ظنه فلا وضوء عليه بكل حال. قال أصحابنا ويستحب له أن يتوضأ احتياطا فلو توضأ احتياطا ودام شكه فذمته بريئة وإن علم بعد ذلك أنه كان محدثا فهل تجزيه تلك الطهارة الواقعة في حال الشك فيه وجهان لأصحابنا أصحهما عندهم أنه لا تجزيه لأنه كان مترددا في نيته والله أعلم. وأما إذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فانه يلزمه الوضوء بإجماع المسلمين. وأما إذا تيقن أنه وجد منه بعد طلوع الشمس مثلا حدث وطهارة ولا يعرف السابق منهما فإن كان لا يعرف حاله قبل طلوع الشمس لزمه الوضوء وإن عرف حاله ففيه أوجه لأصحابنا أشهرهما عندهم أنه يكون بضد ما كان قبل طلوع الشمس فإن كان قبلها محدثا فهو الآن متطهر وإن كان قبلها متطهرا فهو الآن محدث. والثاني: وهو الأصح عند جماعات من المحققين أنه يلزمه الوضوء بكل حال. والثالث: يبني على غالب ظنه والرابع: يكون كما كان قبل طلوع الشمس ولا تأثير للأمرين الواقعين بعد طلوعها هذا الوجه غلط صريح وبطلانه أظهر من أن يستدل عليه وإنما ذكرته لأنبه على بطلانه لئلا يغتر به وكيف يحكم بأنه على حاله مع تيقن بطلانها بما وقع بعدها والله أعلم.
الوضوء من المذي
قال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة كما في الثمر الداني(ص:21):
وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند اللذة بالإنعاظ عند الملاعبة أو التذكار.
وقال النووي في شرح مسلم:
في المذي لغات: مذي بفتح الميم وإسكان الذال، ومذي بكسر الذال وتشديد الياء، ومذي بكسر الذال وتخفيف الياء، فالأوليان مشهوتان، أولاهما أفصحهما وأشهرهما، والثالثة حكاها أبو عمرو الزاهد عن ابن الأعرابي، ويقال: مذي وأمذي ومذى الثالثة بالتشديد. والمذي ماء أبيض رقيق لزج يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ويكون ذلك للرجل والمرأة وهو في النساء أكثر منه في الرجال والله أعلم.
قال البخاري(178):
حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا جرير عن الأعمش عن منذر أبي يعلى الثوري عن محمد بن الحنفية قال: قال علي: كنت رجلا مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: فيه الوضوء.
أخرجه مسلم(1/542 نووي) والنسائي وابن عبد البر في التمهيد(3/323)
قال ابن عبد البر في التمهيد كما في فتح البر(3/323-324):
هذا حديث مجمع على صحته، ولا يختلف أهل العلم فيه، ولا في القول به، والمذي عند جميعهم يوجب الوضوء، ما لم يكن خارجا عن علة أبردة وزمانة، فإن كان كذلك فهو أيضا كالبول عند جميعهم أيضا، إلا أن طائفة توجب الوضوء على من كنت هذه حاله لكل صلاة قياسا على المستحاضة عندهم، وطائفة تستحبه ولا توجبه.
قال أبو عمر: وهو موضع إجماع لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه، وإيجاب غسله لنجاسته. إهـ
قال أبو داود(206):
حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبيدة بن حميد الحذاء عن الركين بن الربيع عن حصين بن قبيصة عن علي قال: كنت رجلا مذاء، فجعلت أغتسل حتى تشقق ظهري، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، أو ذكر له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصلاة، فإذا فضخت الماء فاغتسل.
وقال(207):
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي النضر عن سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود قال: إن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه، فإن عندي ابنته وأنا أستحي أن أسأله ؟ قال المقداد: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة.
قال الخطابي في المعالم(1/64):
فيه من الفقه أن المذي نجس وأنه ليس فيه إلا الوضوء.
وقال ابن المنذر في الأوسط:
وقد روينا عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وعن عبد الله بن عمر وجماعة من التابعين أنهم أوجبوا الوضوء من المذي، وبه قال مالك بن أنس وأهل المدينة والأوزاعي وأهل الشام وسفيان الثوري وأهل العراق وكذلك قال الشافعي وأصحابه، ولست أعلم في وجوب الوضوء منه اختلافا.
قال ابن أبي شيبة في المصنف(969):
حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا مسعر عن مصعب بن شيبة عن أبي حبيب بن يعلي بن منبه عن ابن عباس أنه أتى أبيا ومعه عمر، فخرج عليهما فقال: إني وجدت مذيا فغسلت ذكري وتوضأت. فقال عمر: أويجزيء ذلك ؟ قال سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم.
وقال(970):
حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر قال: سئل عثمان عن المذي فقال: ذاك القطر ومنه الوضوء.
وقال(977):
حدثنا وكيع عن عكرمة بن عمار عن عبد ربه بن موسى عن أمه عن عائشة قالت: المني منه الغسل والمذي والودي يتوضأ منهما.
وقال(980):
حدثنا وكيع عن جعفر بن برقان وعمر بن الوليد الشني عن عكرمة قال: المني والودي والمذي. فأما المني ففيه الغسل، وأما المذي والودي فيغسل ذكره ويتوضأ
وقال(982):
حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن مجاهد قال: المني والودي والمذي ففي المني الغسل والودي والمذي الوضوء.