الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد
فإن أجابة المستفتي عن أمر ما :
1-تصور هذا الشيء على ماهو عليه : فالحكم على الشيء فرع عن تصوره .
2- الحكم بعلم شرعي صحيح من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى : {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } الإسراء36 ولايقول كما يقول بعضهم : تنظر لمذهب المستفتى وتجيبه بحسب مذهبه .
روى الخطيب في الفقيه والمتفقه من طريق : القاسم بن أبي صالح , يقول : سمعت أبا حاتم الرازي , يقول : " العلم عندنا ما كان عن الله تعالى من كتاب ناطق , ناسخ غير منسوخ , وما صحت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا معارض له , وما جاء عن الألباء من الصحابة ما اتفقوا عليه , فإذا اختلفوا لم يخرج من اختلافهم فإذا خفي ذلك ولم يفهم فعن التابعين , فإذا لم يوجد عن التابعين , فعن أئمة الهدى من أتباعهم مثل : أيوب السختياني , وحماد بن زيد , وحماد بن سلمة , وسفيان , ومالك بن أنس , والأوزاعي , والحسن بن صالح , ثم من بعد , ما لم يوجد عن أمثالهم , فعن مثل : عبد الرحمن بن مهدي , وعبد الله بن المبارك , وعبد الله بن إدريس , ويحيى بن آدم , وسفيان بن عيينة , ووكيع بن الجراح , ومن بعدهم : محمد بن إدريس الشافعي , ويزيد بن هارون , والحميدي , وأحمد بن حنبل , وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي , وأبي عبيد القاسم بن سلام " قلت : قصد أبو حاتم إلى تسمية هؤلاء , لأنهم كانوا المشهورين من أئمة أهل الأثر في أعصارهم , ولهم نظراء كثيرون من أهل كل عصر أولو نظر واجتهاد , فما أجمعوا عليه فهو الحجة , ويسقط الاجتهاد مع إجماعهم , فكذلك إذا اختلفوا على قولين , لم يجز لمن بعدهم إحداث قول ثالث وسنوضح هذا فيما بعد إن شاء الله
وروى من طريق : يزيد بن عقبة , عن الضحاك الضبي , قال : لقي ابن عمر جابر بن يزيد فقال : له : " يا جابر , إنك ستبقى , فلا تفتين إلا بكتاب ناطق أو سنة ماضية فإنك إن فعلت غير هذا هلكت وأهلكت "
3- العدل في الحكم : قال ربنا تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المائدة8
4-التأني في الجواب وعدم التعجل .
5-لايتكلف الجواب فإن كان لايعلم قال لاأعلم أو يطلب فرصة أخرى من السائل لبحثها أو السؤال عنها أو ينقله لمن هو أعلم منه
6-تكون فتواه مبنية على اليسر والسهولة : أخرج البخاري ومسلم : عن ابن شهاب عن عروةَ بنِ الزُّبير عن عائشةَ رضي الله عنها أنها قالت: «ما خُيِّرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم بينَ أمرين إلا أخذَ أيسَرَهما ما لم يكن إِثماً ، فإِن كان إِثماً كان أبعدَ الناسِ منه، وما انتقم رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم لنفسهِ إلاّ أن تُنْتهَكَ حُرمةُ اللهِ فيَنَتقِمَ للّه بها». وجاء في حديث آخر : (( ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما )) وفي رواية : أسدهما . أخرجه الترمذي عن عائشة وقال الألباني: (حسن) انظر حديث رقم: 5619 في صحيح الجامع.
7-لايكن فظاغليظ القلب مقطب الجبين حين جوابه ضائقا ذرعا بالسائل بل لابد أن يحلم عليه ويصبر ولو كان السائل فظا غليظا وهكذا كان حاله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159
8-إن كان مشوش الذهن او غاضبا فلايجيبه ويطلب منه تأخير الجواب عن مسألته لوقت آخر يكون أسمح مما هو فيه .
9-لايلزم المفتي أن يجيب السائل عن كل مسألة وقد جاء عن بعض الصحابة أن من أجاب الناس في كل شيء فهو مجنون .
10-يراعي المفتي في جوابه أمورا وبالذات في النوازل:
1- المصالح والمفاسد : ويعلم:أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .
وأن المفاسد إذا تزاحمت يرتكب الأدنى من المفاسد كما يقول ابن سعدي رحمه الله .
2-يراعي حل الناس وأعرافهم الصحيحة مثل :أن يحلف شخص فيقول : والله لاآكل اللحم
فأكل السمك وحلف آخر مثل حلفه فينظر إلى أعراف الناس في البلدين لهذين السائلين
فقد يكون الأول يسمون السمك لحما فحينها الجواب عن استفتائه أن يحنث ويكفر عن
يمينه وأما الآخر فلايسمونه لحما فلا يحنث .
11-كن حذرا من أن تجيب بقياسات خاطئة : روى الخطيب من طريق :سليمان بن المغيرة , عن أبي حمزة , قال : سئل الشعبي عن مسألة , فقال : " لا أدري ولكن احفظ ثلاثا , لا تقل لما لا تعلم إنك تعلم , ولا تقولن لشيء قد كان لو لم يكن , ولا تجالس أصحاب القياس فتحل حراما أو تحرم حلالا "
موضوع: إجابة المستفتي للشيخ عبد الله الغامدي 
الجمعة أبريل 25, 2008 7:26 am
