بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم وبعد
فقد قمت في هذا المقال بترتيب مقدمة أبي نعيم الأصبهاني رحمه الله لكتابه الضعفاء في الرجال وحرصت على لفظه وجعلتها على طريقة السؤال والجواب وذكرت هنا معظم المقدمة والله الموفق :
ماهي أصول الحق ؟
قال أبو نعيم الأصبهاني في مقدمة كتابه الضعفاء
ثم انى نظرت وفقك الله فرأيت أصول الحق التي توصل بأهلها الى الحق ثلاثة أنواع كتاب وسنة وإجماع الأمة
ماالذي يأمر به القرآن ؟
قال أبو نعيم: فوجدت الكتاب آمرا بالانتهاء الى قبول ما وردت به السنة وزاجرا عما زجرت عنه السنة
قال الله عز وجل : {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}
وقال : {من يطع الرسول فقد أطاع الله}
وقال : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون }
وقال : {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} الآية
وقال: { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا }
وقال : {ان الذين يبايعونك إنما يبايعون الله}
في آيات كثيرة أن متابعة الرسول وطاعته طاعة لله
قال الله عز وجل : {من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}
وقال : {فليحذر الذين يخالفون عن امره ان تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}. الضعفاء
إذا وجبت طاعته عليه الصلاة والسلام فماالذي يلزم العاقل والمخاطب ؟
قال أبو نعيم: فلما وجب طاعته ومتابعته لزم كل عاقل ومخاطب :
1-الاجتهاد في التمييز بين صحيح أخباره وسقيم آثاره وان يبذل مجهوده في معرفة ذلك
2-واقتباس سنته وشريعته من الطرق المرضية والأئمة المهدية. الضعفاء
كيف الوصول إلى ذلك ؟
قال أبو نعيم: ..كان الوصول الى ذلك متعذر الا بمعرفة الرواة والفحص عن أحوالهم وأديانهم والكشف والبحث عن صدقهم وكذبهم وإتقانهم وضبطهم وضعفهم ووهائهم وخطئهم . الضعفاء
ماهو السبب ؟
قال أبو نعيم : وذلك ان الله عز وجل جعل أهل العلم درجات ورفع بعضهم على بعض ولم يرفع بعضهم الا وخص من رفعه من دونه بمنزلة سنية ومرتبة بهية فالمراتب والمنازل منه مواهب اختصهم بها دون الآخرين فلذلك وجب التمييز بينهم والبحث عن أحوالهم ليعطى كل ذي فضل فضله وينزل كل واحد منهم منزلة التي أنزله بها الممتن عليه والمنعم لديه .الضعفاء
لايتم ذلك إلا بحقيقة الإتباع للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
عن العرباض بن سارية قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا بوجهه فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها الاعين ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان كان عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء من بعدي الراشدين المهديين وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة . قال أبو نعيم في الضعفاء : هذا حديث جيد صحيح من حديث الشاميين وقد روى هذا الحديث عن العرباض بن سارية ثلاثة من تابعي الشام معروفين مشهورين عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر ويحيى بن المطاع بروايات مختلفة
ثم قال أبو نعيم بعد سرده الحديث السابق : فتلقت الهداة العقلاء وصية نبيهم صلى الله عليه وسلم بالقبول ولزموا التوطين على سنته وسنة الهداة المرشدة من الخلفاء فلم يرغبوا عنها بل علموا ان الثبوت عليها غير ممكن الا بتتبع ما سنه عليه السلام وسنته بعده أئمة الهدى الذين هم خلفاؤه في أمته فتركوا الاشتغال بهواجس النفوس وبخواطر القلوب وما يتولد من الشبهات التي تولده آراء النفوس وقضايا العقول خوفا من أن يزيغوا عن المحجة التي فارقهم عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي شبه ليلها بنهارها مع ما جاءهم عن الله عز وجل من الوعيد البليغ المصرح بنفي الإيمان عمن خالفه أو طعن على احكامه ولم تطب نفسه بالتسليم له. الضعفاء
ثم أستشهد أبو نعيم بما يقوي قوله السابق بحديث عروة بن الزبير ان رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة التي يسقون بها النخل فقال للأنصارى سرح الماء فأبى عليهم فاختصموا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير اسق يا زبير ثم أرسل الى جارك فغضب الأنصاري فقال يا رسول الله أن كان بن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا زبير اسق ثم احبس حتى يرجع الى الجدر فقال الزبير والله انى لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم . الضعفاء
التبليغ بهذا عنه عليه الصلاة والسلام
قال أبو نعيم : وقد علموا علما يقينا ان نبيهم لا يأمرهم باتباعه والإقامة على ما سنه لهم ولأمته حتى يأمر بالتبليغ عنه من شهده وعاينه الى من غاب عنه ولم يشهده وذلك ما حفظ عنه كثير من صحابته في مواقف شتى وخطب ذوات عدد من ذلك قوله فليبلغ الشاهد منكم الغائب بعد ان قررهم بالتبليغ لهم عن الله عز وجل كلفهم الابلاغ عنه. الضعفاء
واستشهد أبو نعيم على وجوب البلاغ عنه للعالم بها بهذه الأدلة :
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال لهم :
((اللهم هل بلغت قالوا نعم قال فليبلغ الشاهد منكم الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع )).
واكد صلى الله عليه وسلم في أمره إياهم بالتبليغ فقال: ((بلغوا ولو آية )).
وقال : ((نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه الى من هو احفظ منه ويبلغه من هو احفظ منه الى من هو افقه منه فرب حامل فقه ليس بفقيه )). الضعفاء
ماذا وعد الله كاتميه ؟
قال أبو نعيم : ... أو عد كاتمي بيانه عظيم الوعيد وبليغ التخويف
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من كتم علما الجمه الله يوم القيامة بلجام من نار )) . الضعفاء
ماهو العلم الذي أوعد النبي صلى الله عليه وسلم كاتميه بما سبق ؟
قال أبو نعيم : وهو العلم النافع الذي يستدل به المرء على نفع دينه ولزوم شريعته ورفعه
وقال أيضا : واعلم صلى الله عليه وسلم ان هذا العلم الذي اوعد كاتمه هو ما يتقنه ويحفظه وهو ما روى أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من رجل حفظ علما فسئل عنه فكتمه الا جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار
.الضعفاء
لاتجوز روايته عن الكذابين
واستدل أبو نعيم بحديث عقبة بن عامر الجهني يحدث على المنبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه آخر ما عهد إلينا ان قال : ((عليكم بكتاب الله وسترجعون الى قوم يحبون الحديث عنى فمن قال عنى ما لم أقل فليبتوأ مقعده من النار ومن حفظ شيئا فليحدث به))
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم : ((من روى عنه شيئا يرى انه كذب فهو أحد الكاذبين ))
وقال صلى الله عليه وسلم : (( كفى به إثما يحدث بكل ما سمع))قال أبو نعيم ملعقا : ورفع هذا الحديث بألفاظ مختلفة فتوجه الوعيد على كل قائل ما لم يقل عامدا كان أو غير عامد..
ولهذا كان التعديل والتجريح لبيان حال الرواة
قال أبو نعيم : فأما الصدور والأكابر يقولون في التعديل والجرح في العلل والتواريخ الذي يكون مبناهم فيه ومقصدهم إبانة أحوال الرواة فيسقطون من اسقطوه ويعدلون من عدلوه ويجرحون من جرحوه ويضعفون من ضعفوه ويسطون من سطوه .الضعفاء
لايتكلمون إلا بتقوى وعلم ولهذا تختلف إجاباتهم بحسب معرفة الرواة
قال أبو نعيم : ألا ترى جواب الأئمة في المسؤولين إياهم يختلف فتارة يقولون ثبت صدوق وأخرى يقولون صالح ومرة يقولون لا بأس به وأخرى يقولون لا شيء فأجوبتهم تختلف على قدر معرفتهم بحال المسؤول فيه فعلى مصنفاتهم وسؤالاتهم يعتمد في الجرح والتعديل.الضعفاء
الكلام في الرواة مما يرونه دينا لابد من بيانه لأجل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو نعيم :
عن حماد بن زيد قال كلمنا شعبة في أبان بن أبي عياش وسألناه الكف عنه فقال انه وانه فقلنا نحب ان تمسك عنه فقال نعم قال حماد بينما انا في المنزل في يوم مطير إذا شعبة يخوض الماء اسمع خوضه فنادانى يا أبا إسماعيل يا أبا إسماعيل فقال هو ذا أمضى استعدى على أبان فقلت له ألم تضمن لنا ان تمسك عنه فقال لا اصبر لا اصبر ومضى.
عن ابن سعيد قال سألت شعبة والثوري ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة عن الرجل يكذب في الحديث فقال كلهم بين امره .
عن عفان قال كنا عند ابن علية فذكر صالح المري فقال رجل ليس بثقة فقال رجل آخر اغتبت فقال إبراهيم اسكت فانما هذا دين . الضعفاء
(الشيخ: أبو عاصم عبد الله الغامدي)