[السائل]:جزاكم الله خيرا يا شيخ، هناك مسألة أخرى تتعلق بالردة، وقد قرأ البعض هذا النص، و فهم منه ما يلي؛ أنكم يا شيخ تحكمون على الأمة بالردة، وكذلك لا يُبرَّر -كما يقولون- لا يبرر هذا الكلام بالقصد و إنما يجب التفصيل والبيان لما أُجمل. تقولون يا شيخ في شريط تفسير سورة البقرة برقم 14 : " إذا كانت الأمة تتواتر وتتواصى، وتتفق على المعصية وتتفق على الشرك، و تتفق على الانحراف، وتتفق على التبرج وتتفق على الانسلاخ من دين الأمة، و تتفق على الردة و تجهل كل المخالفات، ماذا سيقع لها ؟ ماذا تريدون؟ فلابد أيها الإخوة من هذا الربط ، لابد أن نربط واقعنا بهذه الآيات التي أنزلها الله على نبينا محمد، وستبقى إن شاء الله إلى أن تقوم الساعة، فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ.. )- [البقرة/36] ."
ما تقولون يا شيخ على هذا الكلام؟
[الشيخ]:هذا خطأ ؛ الأمة لا تتفق كلها، ولا ينبغي أن تتفق، فيُزال هذا الخطأ و نقول إن أكثر الأمة وقعت فيها المعاصي، وقع فيها الشرك، وقع فيها البدع، وقع فيها الضلال، أما أنها كلها تتفق على هذا يعني ...و أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بوجود الطائفة المنصورة التي تبقى منصورة إلى يوم القيامة، (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم حتى يأتي أمر الله)، فلا شك أن هذا خطأ.
[السائل]:كذلك يا شيخ ما قولكم في الذين يقولون بأن الشيخ يكفر بالمعصية، فقد استند إلى هذه الأقوال و نريد أن نجعل هذا السؤال مقدمة لمسألة العجول، فقرروا لنا جزاكم الله خيرا مذهبكم في مرتكب المعصية، وما هو الحكم عليه؟
[الشيخ]:هذا قررناه غير ما مرة و مقرر في أشرطتنا كلها و في كتبنا كلها، و أن التكفير بالمعصية مذهب الخوارج و ليس مذهب أهل السنة و الجماعة، وهذه عقيدة أبو جعفر الطحاوي و عقيدة شيخ الإسلام ابن تيمية، وكل العقائد السلفية التي نحفظها في صغر سننا، و أن أهل السنة والجماعة لا يكفرون بالمعصية، فهذا ما خطر ببالي ولا كان لي مذهبا في يوم من الأيام ولا اعتقدته ولله الحمد، أنني أكفر بالزنا أو أكفر بالخمر أوأكفر بالسرقة أوأكفر بالقتل ؛ هذا ما خطر ببالي حتى أُلزَم به، وإن وقع في كلامي ما يُهيم ذلك فينبغي أن يفصل و أن يزال إن فيه لبس وإن فيه إشكال.
[السائل]:جزاكم الله خيرا يا شيخ فقد وقع الحكم على أهل المعاصي في نص لكم في حديثكم عن العجل عند بني إسرائيل وقولكم جزاكم الله خيرا كالتالي تقولون : " الإنسان أول ما يبدأ بالزفاف يبدأ بالعجل، يأتي بمجموعة من العجول (بأعجالهم) ويبيتون على العجل يعبدون العجل لأن ما ذكروه من عبادة العجل لما صنعوه بدؤوا يرقصون. بنو إسرائيل بدؤوا يرقصون حول ذلك العجل و هؤلاء أيضا يرقصون يعني يبيتون بعجلهم أي يعني هذه الأغاني، والفِرَق التي وضعها باسم (الشيوخ) و (الشيخات) هذا نوع... يعني عجول كثير من الناس يعبدونها من دون الله، رجل فاجر سكير زاني عاهر خبيث لعين ينطق بالشرك ينطق بالمجون و تؤجره و تعطيه أحسن الأكل تقدمها له و أحسن الهدايا و تقبل رأسه و رجليه و يبيت و يفسق في بيتك، لأنه يقضي بعض اللحظات للراحة و يذهب."
قبل أن نكمل يا شيخ، هنا جاء في كلامكم تشبيه للمعاصي بالعجول، ألا ترون أن هذا فيه تَوَافق مع كلام سيد قطب في بعض مواطن الظلال و كيف تجيبون على هذا التوافق ؟
[الشيخ]:أنا أولا ما لي علاقة بالظلال ولا لي به أي صلة إلا لما قرأته في قضية المفسرون لما أخرجت عقيدته في الأسماء و الصفات، أما أنني أقرأ لكتب سيد قطب، هذه ما عندي و لا خطرت لي ببال، فعندي غنية في كتب السلف في تفسير ابن جرير و تفسير ابن كثير و تفسير البخاري وتفسير ابن أبي حاتم و تفاسير السلف، أما فيما يتعلق بقضية تَعَلُّق الناس و تشبيهي لهم بالعجل فهذا لاشك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم...) و سمى الذي يتعلق بالدينار و الدرهم سماها صلى الله عليه وسلم عبودية و تعلق و الحقيقة يعني أصحاب الأعراس و أصحاب الأزياء وأصحاب كذا لهم تعلق كبير بهذه الأزياء...
ونزيل اللبس ونقول بأن أهل المعاصي إذا كانوا مسلمين، و ارتكبوا معاصي فليسوا هم من عباد العجل... لا يفهم منها أننا نقول بأن هؤلاء هم مشركون و كفرة و خارجون عن دائرة الإسلام، فينبغي أن تكون العبارة كالتالي؛ فقضية عجول بني إسرائيل لا شك أن هذا شرك و كفر وأما ما سواهم من أهل الإسلام فإن تعلق الحب بهذه المعاصي و هذه الأغاني وهذه الأزياء و غير ذلك فمجرد معاصي لا تخرجهم عن دائرة الإسلام ومن فهم مني أنني أخرجهم من دائرة الإسلام فقد اتهمني بما لم أقصد ولم يخطر لي بالبال، فأنا لا أكفر أحدا من أهل الإسلام أبدا في يوم من الأيام و ما كفرت أحدا ولا خطر لي بالبال.
[السائل]:طيب يا شيخ أعيد السؤال في بعض جزئياته، أنتم تسمون مثلا هذه المعاصي بالعجل ألا ترون أن نتقيد بالسلف الصالح حتى في استعمالهم للألفاظ، فنحكم على المعصية أو على هذا العمل بالمعصية أو بالفسق و يبقى لفظ القفي العجل في بني إسرائيل و تبقى هذه المعاصي نسميها فسوقا، ألا ترون هذا يا شيخ؟
[الشيخ]:على كل حال، السلف فسروا قول الله تعالى : -( إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ ..)الآية - [الأعراف/152] ، أنزلوها على المبتدعة، فلي في ذلك سلف في هذا الموضوع، لكن إذا كان هذا الأمر فيه لبس و فيه إشكالات فيزال، و يوضع اللفظ الذي يناسب المقام.
وهذه مجرد أشرطة إذا نسخت و بُينت فيوضع فيها الألفاظ ؛ لأن الأشرطة كما قلت و كما سبق فيها أشياء كثيرة قد يقولها الإنسان و يتراجع عنها و تكون فيها سبق لسان وفيها أخطاء كثيرة، فالأشرطة غير محررة، فتحتاج دائما... والشريط يحتاج إلى تحرير، و على السامع أن يحرر اللفظ و إن بدا له شيء فعليه أن يبتعد عن الأخطاء و يبتعد عن الزلات التي يقولها صاحب الشريط كما سبق، ما من أحد إلا و له زلات وله أخطاء، فمن يسلم من الأخطاء ومن الزلات، فأهل المعصية يسمون بمصطلحهم أهل المعاصي و أهل الفسوق يسمون بالفسوق و أهل الشرك يسمون بالشرك، فلا يفهم منا هذا لا من قريب ولا من بعيد أننا نكفر بالمعاصي أبدا . [السائل]:طيب يا شيخ لكن كذلك لا زلنا مع مسألة العجل، نريد أن نسمع منكم كلاما أو فتوى في حكم أهل المعاصي من هذا النوع من الزفاف ومن "الشيوخ" والمغنيات، هذه اللفظة الشيوخ التي هي عندنا في المغرب تدل على المغنيين و كذا ؛ فجزاكم الله خيرا أثبتوا لنا يعني منهج السلف في الحكم على مثل هؤلاء.
[الشيخ]:أنا سبق و ذكرت بأن هؤلاء عصاة، إذا كانوا ينتسبون إلى الإسلام و يشهدون أن لا إله إلا الله و يقيمون الصلاة فهم أهل معاصي لا أقل و لا أكثر.
[السائل]:طيب هناك يا شيخ مسألة تتعلق بكتاب عقيدة الإمام مالك، وهذا الكتاب قد ظهر في السوق نسختان نسخة قديمة و نسخة جديدة، الأولى لعلها طبعت في المغرب والثانية طبعت في مصر في مكتبة التراث الإسلامي، فهناك كلام نريد منكم جزاكم الله خيرا أن توضحوه في مسألة الالتصاق بالمشركين والاستعانة بهم، فقد زعم بعضهم أنكم حذفتم وغيرتم، وزعم بعضهم أنكم تقصدون بهذا ما يتعلق بأزمة الخليج، فنريد منكم أن تحددوا لنا السبق الزمني بين النسختين و نريد منكم كلاما أخيرا في هذه المسألة لنأخذ بالكلام الجديد، ونقضي على القديم كما جاء في بداية كلمتكم و جزاكم الله خيرا و حفظكم الله تعالى.
[الشيخ]:طيب أنت إقرأ الكلام من أوله إلى آخره، هل تجد فيه علاقة بقضية الخليج لا من قريب و لا من بعيد؟ أي دولة من دول الخليج أو أي رائحة من رائحة الخليج لا توجد في النص.
والكلام هو في الإستعانة ؛ والإستعانة الخلاف فيها قديم، و قد أشار إلى ذلك الإمام مالك كما نقلت ذلك في الكتاب، والخلاف بين العلماء في الإستعانة بالمشركين خلاف مشهور، وأنا أشرت إليه إشارة و ذكرت بأن الخلاف في هذه المسألة لا ينبغي أن يكون في أساسه يعني قضية أكبر من قضية الأضرحة يعني الأضرحة التي تفتح و التي مثلا تُبنى، و التي يتردد عليها الآلاف بل الملايين كما هو معروف في قبر البدوي، وكما هو معروف في قبر الحسين، و كما هو معروف في كثير من البلاد الإسلامية التي تشغلهم الأضرحة، وتبنى فيهم الأضرحة ويفتتحونها ويقومون على فتحها وعلى الإعلان عنها...
أما قضية الخليج فلا وجود لها في النص لا من قريب و لا من بعيد ومن وجدها في النص فليأتنا به.
أما قضية الطبعة السابقة و اللاحقة فالذي حدف في الأخيرة هو الطابع، وما أذنت أنا له بالحذف في شيء، فهو الذي تصرف لا أقل و لا أكثر، ولا علم لي حتى أطلعتني أنت على النسخة، أما النسخة التي عندي و التي طبعت في المملكة العربية السعودية و طبعت في المغرب فهي ما تزال على ما هي عليه أما ما حدفه مع صاحب التراث الإسلامي فهذا لا علم لي به أنا.
أما هذه القضية التي يُدندَن حولها فلا أصل لها في نص الكلام لا من قريب ولا من بعيد، و نتحدى أحدا يخرج لنا هناك نص فيه رائحة لهذا الموضوع، الذي يُدندَن حوله من أن القضية قضية الخليج، قضية الخليج لا ذكر لها في النص ومن قال غير ذلك فقد افترى على الله الكذب.
[السائل]:طيب شيخ تسمح لنا أن نقرأ النصين؟.. نقرأ التعليق تعليقكم على كلام الإمام مالك في المدونة.
قلتم : " هذه النصوص المنقولة تحت عنوان الإستعانة بالمشركين على قتال العدو يفهم منها أن مالكا رحمه الله لا يجيز الإستعانة بالمشركين في القتال و إلا ما فائدة هذا الاستدلال؟ و مالك رحمه الله كان يعرف خطر الالتصاق بالمشركين في كل شؤون الحياة، لأن الالتصاق بهم والاختلاط معهم يهون الشرك في نفوس المسلمين، و هذا ما لا يرضاه إمام من أئمة الهدى، فما جاء القرآن و النبوة إلا لمحاربة الشرك و المشركين."
[الشيخ]:هذا كلام فيه إشكال؟
[السائل]:ما يظهر يا شيخ أن كلامكم هنا، تقصد المشركين الذين الأصل فيهم الشرك؟
[الشيخ]:المشركين عموما كيفما كانوا
[السائل]:طيب، كيفما كانوا. قلتم : "فكيف لو عاش الإمام مالك رحمه الله في القرن الخامس عشر من الهجرة، ورأى حالة المسلمين مع الشرك و المشركين في مشارق الأرض و مغاربها و علماء المسلمين يختلفون فيما بينهم في الإستعانة بالمشركين."
ماذا تقصدون يا شيخ بقولكم حالة المسلمين مع الشرك و المشركين ؟
[الشيخ]:حالة المسلمين مع الشرك و المشركين يعني الأضرحة الآن معظمها في بلاد الإسلام، و الناس يختلطون بهم و ربما يؤثرون عليهم.. الأمر واضح.
[السائل]:إذن يعني يُحكم عليهم بأنهم مشركون باعتبار العموم وإلا الأصل..
[الشيخ]: كلام غير واضح و غير مسموع
[السائل]:لأنه يا شيخ أشرتم إلى قضية المقابر وقضية الأضرحة.. إذن فهؤلاء يطلق عليهم الشرك على العموم؟
[الشيخ]:إيه على العموم.
[السائل]:يعني مسألة العذر بالجهل ..
[الشيخ]:المهم الشرك موجود وخلاص ؛ الذي يتبرك بقبر الحسين و الذي يطوف بقبر البدوي و الذي يحج إلى قبر الحسين فماذا نسميه؟
[السائل]:لكن يا شيخنا أنا أريد هل الحكم هنا على العموم على كل... ؟
[الشيخ]:...نحن الآن لا نفصل، فلان من الناس و زيد من الناس، هذا كلام عام على كل مشرك. ما يوجد مشركون الآن؟ يعني كل الناس ما شاء الله على التوحيد و على العقيدة الصحيحة ؟
[السائل]:ثم قلتم...
[الشيخ مقاطعا]:يعني الأضرحة الموجودة، يعني ما هو موجود الآن أضرحة ؟ كل بلد يعني مليان بالأضرحة، والناس يؤمونها من كل جهة ومن كل صوب وحدب، هذا لا يوجد؟
[السائل]:نعم, ثم قلتم يا شيخ : " و أعلام الشرك مقامة فيما بينهم وهم عنها ؛يعني من الذين رضوا بهذه الأعلام؟
[الشيخ]:الذين هم على هذه الشاكلة، الذين يرضون بالبدوي و الذين يرضون بالحسين، والذين يرضون بكثير من الأضرحة الموجودة، ما هم موجودون؟ يعني معدومون؟ بل يذهبون إليها، و يطوفون حولها كثير من العلماء، لا في القديم ولا في الحديث، يعني شيخ الأزهر السابق
عبد الحليم، وين ألف كتابه؟ ألفه في البدوي، "مشى استأذن عاد ألف كتاب " .
هذا شيء معروف ومشهور،" الذي ألف مثلا رفع المقبور"، ألف فيه كتابا و استدل للأضرحة بأدلة كثيرة...
[السائل]:طيب، ثم يا شيخ قلتم : " بل أمراؤهم يدفعونهم إلى افتتاح أمكنة الشرك و تشييدها إلا من شاء الله منهم و الله المستعان".
[الشيخ]:إيه يعني الكثير من البلاد فيها هذا الأمر إلا من شاء الله الذين سلموا من هذا الأمر وهم بفضل الله عدد لا بأس به، و على رأسهم المملكة العربية السعودية.
[السائل]:طيب شيخ هذا هو نص الكلام الذي في الطبعة الأولى ..
أي نص يعتمد هل الأول الذي حذف..؟
[الشيخ]:كل النص عندي معتمد و سيبقى معتمدا إلى يوم القيامة.
[السائل]:قلتُ يا شيخ قد ظهر لكم كلام في بعض المخالفين للمنهج السلفي، و قد أوردتم أسماءهم و كتبهم في كتابكم المصادر العلمية في الدفاع عن العقيدة السلفية، فكيف تبررون هذا خصوصا و قد ظهرت في السوق طبعة ثانية لهذه الرسالة وقد حذفتم فيها ما يؤاخذه هؤلاء عليكم، فكيف تبرهنون عن هذا الفعل؟
[الشيخ]:يا أخي الصادق دائما يرجع إلى آخر ما أصدره الرجل، وإلا إذا بغينا(أي أردنا) هكذا نرجع إلى كثير من الكتب ونجد فيها مدح لكثير من المخالفين، فهل نؤاخذهم بما مدحوا به؟
بل لو الآن ما أريد الإمساك عن الفتنة لذكرت لك من الأمثلة الكثير، فالذي أرى أن الإنسان ينبغي له أن يكون صادقا و لا أرى هذا الأمر، لأنه هذا الكتاب موجود من زمان وموجود في دور القرآن و موجود في المكاتب، ومع ذلك يعمد الإنسان إلى كتاب قديم ويترك الجديد، ماذا يقصد ؟ يقصد إثارة الفتنة.
[السائل]:وأخيرا نشكر الشيخ على ما أوضح وما بين في هذا الكلام القيم، وما أجاب به مبينا ما أُجمل، ومخصصا ما عمم، ومقيدا ما أطلق، ونرجو الله عز وجل أن يجزل له المثوبة وأن يجعله محييا للسنن، مميتا للبدع والفتن.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
أشرف على تفريغه و راجعه
أبو إسحاق نور الدين درواش