الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على من أرسله الله رحمة للعالمين و على آله و أصحابه الطيبين الطاهرين أما بعد:
فقد وفقني الله تبارك و تعالى لقراءة ترجمة أحد السلف فأعجبتني بعض أقواله فارتأيت أن أقدمها لإخواني ليكن ديدنهم قراءة سير سلفنا الصالح-رضوان الله عليهم- و إليكم الترجمة من سير الأعلام النبلاء للإمام الذهبي-رحمه الله-:
هرم بن حيان
العبدي الربعي - ويقال الأزدي - البصري.
روى عن: عمر.
روى عنه: الحسن البصري، وغيره.
وكان من سادة العباد، وَلِيَ بعض الحروب في أيام عمر وعثمان بأرض فارس.
قال ابن سعد: كان عاملاً لعُمر، وكان ثقة له فضل وعبادة.
وقيل؛ سُمِي هرَماً لأنه بقي في بطن أمه سنتين حتى طلعت ثنياه.
قال أبو عمران الجوني، عن هرم بن حيان أنه قال: إياكم والعالم الفاسق ، فبلغ عمر، فكتب إليه وأشفق منها: ما العالم الفاسق؟ فكتب: يا أمير المؤمنين ما أردت إلا الخير، يكون إمام يتكلم بالعلم، ويعمل بالفسق، ويُشَبِهْ على الناس فيَضِلوا.
قلت: إنما أنكر عليه عمر أنهم لم يكونوا يعدون العالم إلا من عمل بعلمه.
وروى الوليد بن هشام القحذمي، عن أبيه، عن جده، أن عثمان بن العاص وجَّه هرم بن حيان إلى قلعة فافتتحها عنوة.
وقال الحسن البصري: خرج هرم وعبد الله بن عامر بن كريز، فبينما رواحلهما ترعى إذ قال هرم: أيَسُرُُّكَ أنك كنت هذه الشجرة ؟ قال: لا والله، لقد رزقني الله الإسلام، وإني لأرجو من ربي، فقال هرم: لكني والله لوددت أني كنت هذه الشجرة، فأكلتني هذه الناقة، ثم بعرتني، فاتخذت جلة، ولم أكابد الحساب، ويحك يا ابن عامر إني أخاف الداهية الكبرى. قلت -أي أخوكم أبو أنس -فتأمل أخي القارئ كيف كان سلفنا الصالح يخافون من يوم الحساب مع زهدهم و عبادتهم و حرصهم على إرضاء ربهم جل شأنه و تقدست أسمائه , فأين نحن من هؤلاء و قد غرقنا في محيطات الذنوب و امتلأت قلوبنا بحب الدنيا الفانية -فالله المستعان-
قال الحسن: كان والله أفقههما وأعلمهما بالله.
وقال قتادة: كان هرم بن حيان يقول: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم.
وقال صالح المري: قال هرم: صاحب الكلام على إحدى منزلتين، إن قصر فيه خصم، وإن أغرق فيه أثم.
وقال قتادة: قال هرم: ما رأيت كالنار نام هاربها، ولا كالجنة نام طالبها.
وقال الحسن: مات هرم بن حيان في يوم صائف، فلما دفن جاءت سحابة قدر قبره فرشته ثم انصرفت.
وقال حميد بن هلال، وغيره: قيل لهرم: ألا توصي؟ قال: قد صدقتني نفسي في الحياة وما لي شيء أوصي، ولكن أوصيكم بخواتيم سورة النحل.
قال ابن عساكر: قدم هرم بن حيان دمشق في طلب أويس القرني.
إنتهى