روى البخاري في صحيحه(71) من حديث معاوية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
ولا شك أن هذا الخير والفضل لا يختص بالرجال فقط، بل النساء أيضا لهن الخير والفضل في تعلمهن، فيجب على المرأة أن تتعلم أمور التوحيد، وأحكام العبادات القولية والعملية، فتتعلم الطهارة والصلاة وما يتعلق بهما، وكذا تتعلم مناسك الحج إن كانت قادرة عليه، وتتعلم أيضا فروض الزكاة إن كانت ذا مال، وتتعلم الصيام وأحكامه إذا وجب عليها، وغير ذلك من الأحكام التي تتوقف عليها حياتها اليومية.
وإذا لم تعرف شيئا من تفاصيل هذه الأمور، فإنها تسأل أهل العلم والفضل، لقول الله عز وجل: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، ولا يجوز لها أن تستحي ولا تتكبر أن تسأل عن كل ما يلزمها من أمور دينها، فإن العيب كل العيب أن تبقى جاهلة تفعل ما يحسنه لها عقلها أو يمليه عليها من هن جاهلات مثلها.
وقد ضرب لنا الصحابيات الجليلات أروع الأمثلة في ذلك، حتى قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.
وروى البخاري(1/288 – فتح)عن أم سلمة قالت: جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأت الماء. فغطت أم سلمة – تعني وجهها- وقالت: يا رسول الله، وتحتلم المرأة ؟ قال: نعم تربت يمينك، فبم يشبهها ولدها.
و في صحيح مسلم عن عائشة أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض فقال: تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكا شديدا حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها فقالت أسماء وكيف تطهر بها فقال: سبحان الله تطهرين بها. فقالت عائشة كأنها تخفي ذلك تتبعين أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة فقال تأخذ ماء فتطهر فتحسن الطهور أو تبلغ الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها ثم تفيض عليها الماء. فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.
هكذا نأمل أن تكون نساؤنا وبناتنا مثل هؤلاء الصحابيات الجليلات، اللواتي لم يكن يستحيين من السؤال عما يشكل عليهن من أمور دينهن، لكن نأسف لنساء هذا الزمان، فقد تجد الواحدة منهن تحفظ عددا غير قليل من الأغاني وأسماء المطربين والمطربات، والممثلين والممثلات، لكنها وللأسف لا تعرف كيف تعبد ربها الذي خلقها ورزقها من غير حول لها ولا قوة، فتجدها جاهلة بأحكام العبادات كالوضوء و الغسل و الصلاة وغيرها من الأحكام التكليفية، ناهيك عن الأمور العقدية، فقد تجدها غارقة في أوحال الشرك، والعياذ بالله، وهذا أمر خطير يستدعي من كل من له مسؤولية أن يجد ويجتهد في تعليم النساء والفتيات ما يتعلق بهن من حقوق وواجبات، سواء على مستوى العقائد أو العبادات أو المعاملات أو الأخلاق.