أحمد عبد الرحمن البنعالم محقق، إمام عصره في علم الحفظ والرواية والحديث والمعرفة بأصول الضبط والتقييد والإجازة، أحد جهابذة الأزهر وشيوخه الأوتاد، والد الإمام الشهيد حسن البنا .
ولد في قرية شمشيرة من أعمال مديريّة الغربيّة، كان والده رجلاً صالحاً، وكانت أمّه تقيّة ورعة، نذرته للقرآن والعلم الشرعي .
حفظ القرآن الكريم في سنّ مبكّرة، وأتقن أحكام التجويد على الشيخ أحمد أبو رفاعي في كتّاب القرية.
سافر إلى الإسكندريّة، والتحق بدروس مسجد الشيخ إبراهيم باشا، وأقام بجواره عدّة سنوات، وتعلم بها إصلاح الساعات.
عاد إلى قريته عالماً صانعاً فتزوّج منها، وسار بأهله إلى بلدة المحموديّة سنة 1331/1903 واستقر بها، ولقى عالمها الشيخ الكفيف محمد محمد زهران، صاحب (مدرسة الرشاد الدينيّة) ومحرر (مجلّة الإسعاد) الشهريّة التي صدرت بين عامي (1920 ـ 1928) واستعان بمكتبته الزاخرة بأمّهات الكتب الدينيّة .
الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا
وكان عظيم الهمّة، يقظاً، ملتزماً أعلى درجات الدقّة والصرامة، وإتقان العمل .
أصدر شرح وظيفة سيدي أحمد زروق، المسمى (الفوائد اللطيفة في شرح ألفاظ الوظيفة لأحمد السجاعي) .
ورتّب مسند الإمام أحمد بن حنبل، وخرّج أحاديثه، وشرح ما يحتاج إلى بيان وسمّاه (الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد بن حنبل الشيباني) 1377/1957 في اثنين وعشرين جزءاً كبيراً، وهو من أكبر مدوّنات الحديث عن رسول الله (ص) حيث اشتمل على ثلاثين ألف حديث تقريباً، وقد استغرق إنجازه ثمانية وثلاثين عاماًَ متواصلة، ومختصره و(بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني) وله (منحة المعبود في ترتيب مسند الطيلسان أبي داود) 1372/1952 و(بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن) 1369/1950 .
أدرك الأهميّة الإيجابيّة للاختلافات الفقهيّة بين أصحاب المذاهب المتعددة، وقد انعكس ذلك في تدبّره لتثقيف أبنائه وتفقيههم في الدين، إذ جعل كل واحد منهم يدرس ويتمذهب على مذهب من المذاهب الفقهيّة، فكان المذهب الحنفي من نصيب (حسن) والمالكي من نصيب (عبد الرحمن) والحنبلي من نصيب (محمد البنا) والشافعي من نصيب (جمال البنا) وكانوا يتلقون دروسهم في المنزل، ولم يمنعه ذلك من أن يدفع بهم إلى المدارس المدنيّة الحكوميّة وليست الدينيّة ليتلقوا تعليمهم وفقاً للمناهج الدراسيّة الرسميّة، وكان يحثّهم على حفظ القرآن وحفظ المتون في فروع العلوم الشرعيّة، ويشجعهم على القراءة واقتناء الكتب، وعلّمهم صنعة الساعات وحرفة تجليد الكتب .
أما علاقته بابنه الإمام حسن البنا فقد كان دائم التفقد لأحواله، مهتمّاً بتربيته وتهذيبه، وبذل النصيحة له في مختلف مراحل عمره .
وفد إلى القاهرة، وعاش محنة أبنائه الأربعة في محنة الجماعة الأولى مع الألوف من أبناء الحركة الإسلاميّة، واستشهد ابنه البكر، الإمام حسن البنا فكان صابراً محتسباً، موقراً من أبناء الجماعة الذين حفظوا له فضله على تربية مؤسس حركتهم وتنشئته وتوجيهه. توفي بالقاهرة، ودفن بقرّافة الإمام الشافعي بجوار ابنه الإمام الشهيد .
وكتب في سيرته ابنه جمال البنا في (خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه – مع ترجمة مسهبة وموثقة لحياة وعمل الوالد الشيخ أحمد البنا) .
_____________________________
1) مقدمة الفتح الرباني وخاتمته بقلم ابنه عبد الرحمن أحمد البنا.(2) صحيفة اللواء (الأردنية) س 26 ع 1291 تاريخ 14 شوال 1418 الموافق 11 شباط 1998.(3) النور الأبهر في طبقات شيوخ الجامع الأزهر ص 25 محي الدين الطعمي.(4) مذكرات سائح في الشرق العربي ص 44 أبو الحسن علي الندوي.(5) مجلّة المجتمع س 30 ع 1389 تاريخ 22/2/2000 فصول في السيرة الاجتماعيّة للإمام حسن البنّا.(6) اقرأ رواية جريمة في شارع الملكة نازلي لمحمد علي شاهين .
أعلام الصحوة الإسلاميّة (تحت الطبع) .....................المجلد الأوّل تأليف محمد علي شاه