تفسير سورة الفلق
سورة الفلق مدنية عددآياتها خمسة
فضلها هي و سورة الناس :
روى مسلم عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم يُر مثلهن قط : " قل أعوذ برب الفلق " و " قل أعوذ برب الناس " ) .
و عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين و ينفث , فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه , و أمسح بيده عليه رجاء بركتها . رواه البخاري
و عن أبي سعيد : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يتعوذ من أعين الجان و عين الإنسان , فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما , و ترك ما سواهما " . رواه الترمذي و النسائي و ابن ماجه , و قال الترمذي : حديث حسن . قلت ( عبد الحي ) : و قد صححه الإمام الألباني .
( قل أعوذ برب الفلق ) : أي ألوذ به و ألتجئ إليه
" الفلق " عن جابر قال : الفلق : الصبح , و قال العوفي عن ابن عباس : الفلق : الصبح . و روى عن مجاهد و سعيد بن جبير و قتادة مثل هذا . قال ابن يزيد و ابن جرير : و هي كقوله تعالى ( فالق الإصباح ) . و هذا هو الصحيح و هو اختيار البخاري في صحيحه .
و أما من قال إنه واد في جهنم أو شجرة في جهنم أو أنه اسم من أسماء جهنم فهذا أمر لا نعرف صحته , لا بدلالة الإسم عليه , و لا بنقل عن النبي صلى الله عليه و سلم , و لا في تخصيص ربوبيته بذلك حكمة .
( من شر ما خلق ) أي : من شر جميع المخلوقات , و قال ثابت البناني و الحسن البصري : جهنم و إبليس و ذريته مما خلق .
( و من شر غاسق إذا وقب ) أي من شر ما يكون في الليل حين يغشى الناس , و تنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة , و الحيونات المؤذية , قال ابن تيمية : ...فإن الغاسق قد فسر بالليل كقوله تعالى " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " و هذا قول أكثر المفسرين و أهل اللغة .
( ومن شر النفّاثات في العقد ) قال ابن جرير : أي و من شر السواحر اللاتي ينفثن في عقد الخيط حين يرقين عليها , و به قال أهل التأويل - قلت ( عبد الحي : أي أهل التفسير ) -
و الإستعاذة من شرهن له ثلاثة أوجه : 1 - أن يستعاذ من عملهن الذي هو صنعة السحر , و من إثمهن في ذلك 2 - أن يستعاذ من فتنتهن الناس بسحرهن و ما يخدعنهم به من باطلهن 3 - أن يستعاذ مما يصيب الله به من الشر عند نفثهن . قاله الزمخشري .
و النفث هو إخراج هواء من الفم بدون ريق .
( و من شر حاسد إذا حسد ) قال الزمخشري : أي إذا أظهر حسده و عمل بمقتضاه من بغي الغوائل للمحسود , لأنه إذا لم يظهر أثر ما أضمره , فلا ضرر يعود منه على من حسده , بل هو الضّار لنفسه , لاغتمامه بسرور غيره .
و الحاسد هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب , فاحتيج إلى الإستعاذة بالله من شره , و إبطال كيده , و يدخل في الحاسد العاين , لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع , خبيث النفس .
و الحسد حرام و هو أول ذنب عصي به الله تعالى إذ حسد إبليس آدم و حسد قابيل هابيل .
و هذه السورة تضمنت الإستعاذة من جميع أنواع الشر , عموما و خصوصا , و دلّت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره , و يستعاذ بالله منه و من أهله .
منقول