إنَّ الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمداً – صلى الله عليه وسلم – عبده ورسوله ، أما بعد : -
قال الله - تعالى - : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم * وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم } [ التوبه 71 – 72 ] .
إن للأخوة الإيمانية والمحبة في الله - تعالى - ثمرات عظيمة وأجور جليلة أعدّها الله - تبارك وتعالى - للمتحابين في جلاله أذكر منها : ــ
1 : أن الله - تعالى – وعد المؤمنين والمؤمنات الذين جمعتهم أخوة الإيمان برحمة منه وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم .
2 : أن الله - تعالى – شهد لهم بالهداية ، وأن أواصر الألفة ، والمحبة في الله تتقوى بفضل الله - تعالى – بجمعهم على كلمة التوحيد ، والتبرؤ من الشرك ، مما ينشر الأمن والأمان ، والطمأنينة ، والهدوء النفسي .
قال الله - تعالى - : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) [ الأنعام 82 ] .
3: ــ أن المؤمن يجد حلاوة الإيمان ، وطراوته ونداوته ، ويستشعر به لذته وسعادته : فعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله ، ومن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه ، كما يكره أن يلقى في النار ) ( متفق عليه ) انظر : [ مشكاة المصابيح 8 ] .
4 : ــ المتحابون في جلال الله يحبهم الله عز وجل على منابر من نور يوم القيامة : فعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : قال الله – تعالى - في الحديث القدسي : ( حقت محبتي للمتحابين فيّ ، وحقت محبتي للمتواصلينَ فيّ ، وحقت محبتي للمتناصحين فيّ ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ ، المتحابون في ّ على منابر من نور ، يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء ) (حديث صحيح ) رواه : ( حم ، طب ، ك ) [ صحيح الجامع 4321 ] .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( زار رجل أخا له في قرية ، فأرصد الله له ملكا على مدرجته ، فقال : أين تريد ؟ قال : أخا لي في هذه القرية ، فقال هل له عليك من نعمة تربها ؟ قال : لا ، إلا أني أحبه في الله ، قال : فإني رسول الله إليك، أن الله أحبك كما أحببته ) (حديث صحيح) انظر: [ صحيح الجامع رقم : 3567 ] .
5 : ــ المتحابون في جلال الله – تعالى - أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه : فعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما تحابّ اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه ) (حديث صحيح) [ صحيح الجامع 5594 ] .
6 : ــ المتحابون في جلال الله - تعالى - أحبهما إلى الله عزّ وجلّ أشدهما حبا لصاحبه : فعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما تحابّ رجلان في الله إلا كان أحبهما إلى الله عزّ وجلّ أشدهما حبا لصاحبه ) رواه البخاري . [ السلسلة الصحيحة 450 ] .
7 : المتحابون في جلال الله – تعالى - يحبهم الله - تعالى - ، وجبريل عليه الصلاة والسلام وأهل السماء ، ثم يوضع لهم القبول في الأرض : قال الله – تعالى - : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ) [ مريم 96 ] .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله – تعالى - إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال : يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، ثم ينادي في السماء فيقول : إن الله – تعالى - يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض ، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول : إني أبغض فلانا فأبغضه ، فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فأبغضوه ، فيبغضونه ، ثم يوضع له البغضاء في الأرض ) صحيح . انظر: [ مختصر مسلم 1771 ] .
8 : ــ المتحابون في جلال الله – تعالى - من الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله : فعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله – تعالى - في الحديث القدسي : ( قال الله – تعالى - حقت محبتي على المتحابين ، أظلهم في ظل العرش يوم القيامة ، يوم لاظل إلا ظلي ) [ صحيح الجامع 4320 ] .
وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشا في عبادة الله - تعالى - ، ورجل قلبه معلق بالمسجد ، إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابا في الله فاجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال : إني أخاف الله - تعالى - ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها فلا تعلم شماله ما تنفق يمينه ) البخاري . [ صحيح الجامع 3603 ] .
9 : ــ المتحابون في جلال الله – تعالى - يحشرون يوم القيامة مع من أحبوا يوم القيامة يجتمع شملهم ، وتقر أعينهم ، وتكتمل سعادتهم : ــ فعن أنس وأبي ذر - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( انت مع من أحببت ) متفق عليه. [ صحيح الجامع 1438] .
10 : ــ المتحابون في جلال الله – تعالى - على منابر من نور يوم القيامة : فعن معاذ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله – تعالى - :
( المتحابون في جلالي لهم منابر من نور ، يغبطهم النبيون والشهداء ) صحيح رواه : ( الترمذي ) انظر: [ صحيح الجامع 4312 ] .
11 : ــ المتحابون في جلال الله – تعالى - يرجون إدراك الأجور العظيمة التي أعدها الله تعالى لهم بزيارة الأخوة في الله – تعالى - : ــ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ما من عبد أتى أخا له يزوره في الله إلا نادى مناد من السماء : أن طبت وطابت لك الجنة ، وإلا قال الله في ملكوت عرشه : عبدي زارَ فيّ ، وعليّ قِراه ، فلم أرْضَ له بقِرىً دون الجنة ) أخرجه أبو يعلى في مسنده والبزار وأبو نعيم في الحلية عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعا. انظر: [السلسلة الصحيحة 2632] .
وعن علي - رضي الله عنه - قال : قال - صلى الله عليه وسلم - : ( من أتى أخاه المسلم عائدا مشى في خرافة الجنة حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته الرحمة ، فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف حتى يمسي ، وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ) صحيح رواه : ( ابن ماجه والحاكم ) انظر: [ السلسلة الصحيحة 1367 . صحيح الجامع 5934 ] .
وعن الضحاك بن قيس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا أتى الرجل القوم فقالوا له : مرحبا ، فمرحبا به يوم القيامة يوم يلقى ربه ، وإذا أتى الرجل القوم فقالوا له : قحطا ، فقحطا له يوم القيامة ) [ صحيح الجامع 266 ] .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : - ( من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا ) (حسن. رواه الترمذي وابن ماجه ) انظر : [ صحيح الجامع رقم: 6387 ] .
12 : ــ المتحابون في جلال الله – تعالى - كالأعضاء في الجسد الواحد ، يستشعرون لذة بشعورهم أن أهل الإيمان يشاركونهم أفراحهم وأتراحهم : ــ إذ أن المؤمن يفرح لفرح أخيه المؤمن ، ويألم لألمه ، حتى ولو كان في أقصى الأرض ، فيأنس ولا يشعر بالوحشة والوحدة ويهون عليه الأمر، حتى ولو كان غريبا بمعتقده في بيته ، وبين أهله في حيه ووطنه . وهذا بفضل الله – تعالى - من ثمرات الإيمان .
فعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الرأس من الجسد ) حديث حسن . انظر : [ السلسلة الصحيحة 1137 ] .
وعن النعمان بن بشير- رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( المؤمنون كرجل واحد ، إن اشتكى رأسه اشتكى كله ، وإن اشتكى عينه اشتكى كله ) رواه ( أحمد ، ومسلم ) [ الصحيحة 1138 ].
وكرامات إثر كرامات ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، تتقوى بمعرفة آداب المحبة والأخوة في الله والعمل بها .