السؤال
أرجو من الشيخ نصيحةً بخصوص موضوع شائك ألا وهو قضية التكفير؛ حيث إن بعض الشباب المتبني لهذا المنهج يشنون حملة اتهامات على فضيلتكم وعلى بعض طلبة العلم، واتهامهم بالعمالة، وفي بعض المناسبات عندما يكون حواري معهم ينطقون ببعض الشبهات القوية، والتي تحتاج إلى تفصيل من طرف أهل العلم، والملفت للنظر أنه عندما ننتهي من هذا النقاش حيث لا نصل إلى أي موقف، ونفترق وقد أوغلت الصدور، أحس بتقصير مني، كما نريد بيانا عن التفجيرات التي تحدث هنا وهناك، مع العلم أنهم يقولون أنها مباركة، أرجو من فضيلة الشيخ توضيح هذه المسألة وإعطاء بعض الأدلة للرد على تلكم الشبه، وجزاكم الله خيرا.
الجواب
هذا زمن الجهل وانتشاره رغم فيضان المطابع والمكتبات بكتب السنة والعقيدة، ورغم وجود العلماء الكبار الذين يرجع إليهم في الملمات، ومع ذلك فمن حين لآخر تنبت نابتة تتبنى منهجا خطيرا مخالفا، وغالب ما يكون باعثها هو الحقد والانتقام، فتُصْدِرُ أحكاما على الناس دون التثبت والرجوع إلى المصادر العلمية، وتتصيد الشبه من هنا وههنا من كلام السلف ومن عمومات النصوص. والتكفير هو لفظ شرعي لا يجوز إلا بنص شرعي، وإلا رجع على صاحبه. فالتكفير حقيقة هو مفارقة الإسلام بالقول أوالفعل أوالاعتقاد، ورد أحكامه، وحرب أهله بكل الوسائل. أما من كان من أهل الإسلام وهو مصل مزك صائم، فلا يجوز تكفيره، ولو ارتكب معصية من المعاصي كالزنا والسرقة وشرب الخمر وما إلى ذلك من المعاصي والموبقات حاشا الشرك بالله. وأما ما أشرت إليه من التفجيرات ههنا وههنا فهذا أمر لا يجوز، فلا يجوز قتل الأبرياء ولا الغدر بهم مهما كانت معاصيهم، فإن الدماء محرمة والأموال محرمة والأعراض محرمة إلا ما أباحه الشرع، وذلك لا يكون للفرد أو لمجموعة معينة، فإن الدماء والأموال لا يحكم فيها إلا الأئمة والقضاة، فهم الذين يقررون الحق فيها، والله تعالى نص في كتابه على تحريم القتل، ونص رسوله صلى الله عليه وسلم على ذلك في أحاديثه الكثيرة، فمن رجع إليها ظهر له ما عليه هؤلاء من المخالفة لنصوص الشرع. نرجو الله أن يعصمنا من أن نقذف مسلما بالكفر أو بالفسق أو بالعصيان أو بالبدعة بغير بينة ولا برهان. وارجع إلى كتاب الشيخ أبي الحسن المأربي الذي سماه: (الاغتيالات)، فإنه مفيد جدا في بابه. ولي كتاب تناولت في بعض فصوله هذه المسائل، سميته: (دعوة سلف الأمة إحياء الكتاب والسنة)، ذكرت فيه بعض الشبه وهذه منها، فلعله يطبع فتطلع عليه إن شاء الله تعالى. والكتب والمقالات في هذا كثيرة، نسأل الله أن يرزقنا وإياك الاعتدال والوسطية، فالتكفير أمر شرعي، والإسلام أيضا أمر شرعي، فلا يجوز لأحد أن يدخل أحدا في الإسلام ولا أن يخرج أحدا عن الإسلام، إلا بما ثبت عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. واقبل من الناس ظواهرهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الظواهر ولا يسيء الظن بأحد، ولا يبحث عن البواطن والخفايا فإن هذا أمر منهي عنه. هذا والله أعلم.